الجزائر تلتزم بمحاربة تعاطيها والاتجار بها لحماية الشباب

حجز أكثر من 5 ملايين قرص مع نهاية 2021 و1876 كلغ من مادة الهيرويين

حجز أكثر من 5 ملايين قرص مع نهاية 2021 و1876 كلغ من مادة الهيرويين

يحيي العالم في كل عام وبالتحديد في 26 جوان اليوم العالمي لمكافحة المخدرات حسب الإستراتيجية العامة الموضوعة من الأمم المتحدة لإحياء هذا اليوم العالمي، وبالمناسبة ستنظم منظمات المجتمع الوطني ملتقيات

وستُنعقد محاضرات علمية وإعلامية تحسيسية بخطورة الظاهرة وتفاقمها، خاصة وأن المتتبعين للظاهرة يتوقعون أن تتحول الجزائر من بلد مستهلك إلى بلد منتج للمخدرات في السنوات القادمة إذا لم يتم تعزيز آليات مكافحة الظاهرة.

تعد ظاهرة المخدرات من الآفات الاجتماعية المدمرة التي ينبغي مواجهتها بكل عزم وثبات لأن الأمر يتعلق بصحة وأمن واستقرار الأمة برمتها، وليس هناك أدنى شك بأن العلاقة بين تهريب المخدرات واستهلاكها وأشكال الإجرام الأخرى قائمة، بل أصبحت علاقة عضوية وواضحة.

 

 المخدرات أكبر حرب تواجه العالم

لاشك أن المخدرات تهدد اليوم العالم بمخاطر تفوق جسامتها ما أحدثته الحرب العالمية الأولى والثانية والحروب الحديثة، بل إن بعض المراقبين يؤكدون أن المخدرات هي أخطر ما واجهته البشرية على امتداد تاريخها الماضي والحاضر. تهب دول العالم كافة لاقتلاع تلك الآفة من تربة الكرة الأرضية والقضاء عليها، وقد انتشرت المخدرات بشكل ملحوظ بين الشباب والفتيات.

العمل الجماعي لمواجهة الظاهرة

وفي هذا السياق، ينبغي أن ندرك جيدا بأن شبكات الإجرام الدولي المنظم والعابر للحدود لا تميز بين الإتجار بالمخدرات وتبييض الأموال وتهريب الأسلحة وسرقة السيارات وتزوير الوثائق…الخ، كما لا تستثني أي بلد في تخطيطها الجهنمي وهي توزع الأدوار بدقة على جماعاتها المنتشرة عبر كافة مناطق العالم. ولا شك أن الانتصار في هذه المواجهة يفرض علينا العمل ليس كموظفين مكلفين بأداء مهام معينة فحسب، بل ينبغي أن نتحول كلنا إلى “مناضلين” ونتجند باستمرار حيثما كنا وتواجدنا ولا يسمح لأحد أن يبقى على الحياد لأن داء المخدرات خطير جدا ويتوغل بسرعة فائقة في شريان المجتمع.

أرقام مخيفة لإدمان المخدرات في الجامعات والثانويات

كشف مختصون في مكافحة المخدرات خلال تدخلاتهم في أشغال الملتقى الوطني بعنوان “ظاهرة المخدرات التشخيص والوقاية والمكافحة” الذي انعقد بجامعة البويرة، أن نسبة الإدمان في الجامعات والثانويات تتراوح بين 15 و20 بالمائة، وأن ظاهرة المخدرات استفحلت في السنوات الأخيرة بدليل حجز أكثر من 5 ملايين قرص مع نهاية 2021 و 1876 كلغ من مادة الهيرويين، كما تم تسجيل 31 ألف قضية تتعلق بالمهلوسات والمخدرات عبر محاكم الوطن.

وتحدث الرائد في جهاز الدرك كسير محمد العامل بالمعهد الوطني للأدلة الجنائية ببوشاوي مطولا حول تزايد ظاهرة تعاطي المهلوسات والمخدرات، مع التطرق إلى آليات اكتشاف ذات السموم سيما مع وجود مخبر متنقل للكشف عن كل أسرار المخدرات بمختلف أنواعها، ليضيف أن الظاهرة أصبحت جريمة عابرة للقارات والحدود.

من جهته، تحدثت ممثل النقابة الوطنية للصيادلة الخواص بلعمري عن ضرورة إلغاء المادة 18_04 قصد إعادة تصنيف المهلوسات سيما وأن بعض القانونيين أثاروا اشكالية تتمثل في بعض الفراغات في قانون الإجراءات الجزائية.

مخابر سرية في إفريقيا يديرها بارونات المخدرات في العالم

كما أشار المدير العام للديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها إلى وجود مخابر سرية في إفريقيا يديرها بارونات المخدرات في العالم، تستعمل لإنتاج الحبوب المخدرة الصناعية، وأضاف المتحدث، أن الخطر على الجزائر لا يتوقف عند هذا الحد؛ بل يكمن في أن المغرب جار للجزائر، ويعد من أكبر المنتجين للقنب الهندي في العالم بنسبة 60 بالمائة. وقال السايح، إن هناك ترابطا تاما بين الاتجار غير المشروع بالمخدرات وأشكال الإجرام المنظم الأخرى بالإرهاب، غسيل الأموال، الفساد، الهجرة غير الشرعية والاتجار بالأسلحة، مشيرا إلى أن تنقل المخدرات لا يقتصر برا على الحدود، بل أصبحت تنقل ببواخر وطائرات خاصة في كل دول العالم.

وفي نفس السياق، أكد المدير العام للديوان الوطني لمكافحة المخدرات، أن شبكات تهريب المخدرات تربطها علاقة وطيدة مع الشبكات الإرهابية التي تتخذ من هذا النشاط مصدرا لتمويلها، حيث أنها تستغل الأموال التي تحصل عليها من هذه العمليات في شراء الأسلحة.

مصطفى خياطي: المغرب أكبر منتج عالمي للقنب الهندي والجزائر أول المستهدفين

قال رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي، مصطفى خياطي إن المغرب وأمام استحالة إدخال المخدرات التي ينتجها إلى أوروبا بسبب حدودها المسيجة بدقة، يستهدف دول إفريقيا والجزائر بصفة خاصة لترويج سمومه .

ويعتبر المغرب أكبر منتج للقنب الهندي في العالم بـأكثر من 30 ألف طن، حسب ما أوضحه مصطفى خياطي لإذاعة الجزائر الدولية .

وقال خياطي بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الإدمان على المخدرات، “ما دامت أوروبا محاصرة بسياج دقيق لا يسمح بدخول المخدرات، فإن المغرب يستعمل الدول الإفريقية وخاصة الجزائر البلد جار كمنطقة عبور وترويج لهذه السموم “.

كما أضاف رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي أن “الكميات الكبيرة من القنب الهندي التي يتم حجزها على مستوى الحدود دليل قاطع على أن الجزائر أصبحت منطقة مستهدفة للاتجار بهذه السموم”.

من جانب آخر، يرى خياطي أن “مكافحة الاتجار بالمخدرات والأسلحة والاتجار بالبشر بات ضرورة ملحة، نظرا لما تخلفه هذه الأنشطة الإجرامية من تفاقم حالة عدم الاستقرار والفساد في منطقة الساحل وتهديدها لسيادة الأمن القومي الجزائري”.

من جهته، نوه المنسق المقيم لنظام الأمم المتحدة، إيريك أوفرفست، بالتزام الجزائر “العميق” بمكافحة تعاطي والاتجار بالمخدرات، مؤكدا دعم الأمم المتحدة لجهودها في هذا المجال.

وفي كلمته بمناسبة إحياء الجزائر لليوم العالمي لمكافحة الإدمان على المخدرات بمقر وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، أشاد السيد أوفرفست، بـ “التزام الجزائر العميق بمكافحة تعاطي والاتجار بالمخدرات لحماية الشباب من هذا البلاء الحقيقي”، مرحبا في ذات السياق بـ “رغبتها في تعزيز الإجراءات الوقائية والصحية لمكافحة الإدمان على المخدرات وانتهاجها للمعايير الدولية والممارسات الجيدة التي نشجعها وندعمها”.

ومن هذا المنطلق، أبرز السيد أوفرفست “ضرورة تكثيف برامج الوقاية في الجزائر بالتعاون بين وزارة الصحة وجمعيات المجتمع المدني وبتشجيع ودعم من الأمم المتحدة، إلى جانب تحسين وتوفير العلاج البديل للمواد الأفيونية (الميثادون) والذي تم إطلاقه لأول مرة في الجزائر بداية هذه السنة”.

ومن خلال أخذ هذين الجانبين بعين الاعتبار -يضيف المسؤول الأممي- فإن “الجزائر تلتزم علانية باعتماد نهج موجه لتلبية احتياجات الأشخاص وتؤكد الأولوية المعطاة للإنسان وحماية الشباب من الإدمان وكل الآفات المترتبة عنه”، مؤكدا في هذا الشأن “دعم الأمم المتحدة لجهود الجزائر في هذا المجال”.

وأحيت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، اليوم العالمي لمكافحة الإدمان على المخدرات عبر برنامج ثري.

13  بالمائة من طالبات الجزائر يتعاطين المخدرات

كشفت دراسة ميدانية أجرتها المؤسسة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي بالجزائر أن 13% من الطالبات يتعاطين المخدرات و18% منهن يدخن السجائر، و10% يتناولن المشروبات الكحولية في الوسط الجامعي.

وتناولت الدراسة عينة من 1110 طالبات يعشن في الإقامة الجامعية بالعاصمة. وقالت 22% ممن شملتهن الدراسة إنهن يتناولن المخدرات يوميا وبصورة منتظمة، وقالت 39% إنهن يفعلن ذلك داخل الإقامة الجامعية في المساء.

وفيما أكد 52% أنهن يتناولن المخدرات بصفة فردية، أكدت نسبة 20% من الطالبات أنهن لا يعرفن كثيرا عن المخدرات في الوسط الجامعي وعن الإدمان.

ويأتي القنب والحشيش على رأس أنواع المخدرات المنتشرة بين الطالبات في الإقامة الجامعية بنسبة 68% ثم الأقراص المستخدمة في الطب النفسي والعقلي، مثل فاليوم وارتان بنسبة 17%. وتشكل المخدرات المصنفة قوية نسبة 5%.

وتذكر الدراسة أن 18% من الطالبات يدخن السجائر في الجامعة، وقالت الطالبات المعنيات إن الواحدة منهن تستهلك معدل نصف علبة من السجائر في اليوم.

وكانت المؤسسة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي قد نشرت دراسة مماثلة سنة 2003 عن تلاميذ الثانوية في العاصمة من الذكور والإناث، كشفت أن 34% من التلاميذ يستهلكون المخدرات، ونسبة الإناث فيهم تبلغ 28%.

وأشارت المؤسسة في تقريرها إلى السلطات العمومية إلى أن لجوء الطالبات إلى المخدرات له أسباب متشابكة، تختلف حسب الحالات. ولعل أهمها الحياة في الإقامة الجامعية نفسها، والفشل في الدراسة، والوسط العائلي الذي جاءت منه الطالبة.

ونبهت الدراسة إلى الخطر الذي أصبحت تشكله الظاهرة، التي اجتاحت الوسط الجامعي، وبلغت وسط الطالبات، حيث كان يعتقد أن استهلاك المخدرات محصور بين الذكور.

وحذرت المؤسسة من أن تتحول الظاهرة إلى وباء حقيقي بين الطلبة الجامعيين، وفي المدارس، إذا لم تلتفت السلطات العمومية إلى الأمر بجدية وحزم، وإذا لم تتخذ في مواجهته أسباب المكافحة بالطرق العلمية، والتوعية المطلوبة.

لمياء. ب