تُظهر مراجعة علمية حديثة، للدراسات والتجارب السريرية التي صدرت خلال الـ10 سنوات الماضية، أن ما تأكله قد يلعب دوراً فيما إذا كنت تعاني من حبّ الشباب أم لا.
عرضت مجموعة باحثين إيطاليين، من جامعة كاتانيا، مراجعتها للأدلة العلمية التي ظهرت خلال العشر سنوات الماضية حول علاقة التغذية بحبّ الشباب لدى البالغين.
الغذاء وحب الشباب
وقال الباحثون: “قد تلعب العادات الغذائية دوراً لا يستهان به في تطور حبّ الشباب ومدته وشدته. والهدف من هذه المراجعة المنهجية هو استكمال البيانات المتاحة في 53 مقالة علمية على مدى السنوات العشر الماضية”.
وفي استنتاجاتهم العلمية، قال الباحثون الإيطاليون: “تشمل العوامل المحفزة لحبّ الشباب الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من المؤشر السكري ومنتجات الألبان والأطعمة الدهنية من المأكولات السريعة والشوكولاطة”.
تقليل السكر
ووفق نتائج الدراسة الإيطالية الجديدة، يظل فيما يتعلق بالنظام الغذائي وحبّ الشباب، أن أقوى الأدلة تدعم الحد – قدر الإمكان – من تناول السكريات المكررة والأطعمة عالية في مؤشرها السكري. وتستخدم وسيلة “المؤشر السكري” من أجل تصنيف أنواع الأطعمة وفق مقدار رفع تناولها لنسبة السكر في الدم.
وعليه فإن الأطعمة عالية المحتوى بالسكر، وخصوصاً الأطعمة العالية المحتوى بالسكريات البسيطة والأطعمة العالية المحتوى بالسكريات السهلة الهضم والامتصاص من الأمعاء، هي ذات مؤشر سكري عالٍ وتزيد من نسبة السكر في الدم بسرعة وتؤدي إلى زيادة إفراز البنكرياس للأنسولين. وتشمل على سبيل المثال: الخبز الأبيض، والحلويات السكرية، والسكر الأبيض، والمشروبات الغازية السكريّة العادية. وثمة عدة دراسات طبية لاحظت قوة العلاقة بين ارتفاع تناول الأطعمة ذات المؤشر السكري العالي وتهييج ظهور حبّ الشباب، وأن اتباع المُصابين بحبّ الشباب لنظام غذائي غني بأطعمة منخفضة المؤشر السكري (مثل: الحبوب الكاملة، والخضروات، والتوت، والمكسرات والبذور، والفواكه ذات القشرة مثل الكمثرى والتفاح) يُخفف من تحفيز ظهور حبّ الشباب.
نظام غذائي مناسب
وتقول رابطة الأكاديمية الأمريكية لطب الجلدية: “يعتقد العلماء أن اتباع نظام غذائي منخفض نسبة السكر في الدم قد يقلل من ظهور حبّ الشباب، لأن هذا النظام الغذائي لا يتسبب بارتفاع تلك النسبة (بشكل عال وسريع). وهو يشمل مثلاً الخضار الطازجة وبعض الفواكه الطازجة والفاصوليا والشوفان المقطع.
وعندما يرتفع مستوى السكر في الدم (بشكل عالٍ وسريع)، فإنه يسبب التهاباً في جميع أنحاء الجسم (نتيجة ارتفاع مستوى هرمون الأنسولين). وتؤدي هذه الارتفاعات (في نسبة السكر) أيضاً إلى زيادة إفراز الجسم لدهون الزُهْم، وهي مادة دهنية شمعية في البشرة (تتسبب بسدد مسام الجلد وتفرزها الغدد الزيتية على الجلد ويمكن أن يؤدي كل من الالتهاب والزُهْم الزائد إلى ظهور حبّ الشباب.
وفي حين تظهر هذه النتائج أن اتباع نظام غذائي منخفض نسبة السكر في الدم يمكن أن يؤدي إلى عدد أقل من حبّ الشباب، لم تجد دراسات أخرى صلة بين النظام الغذائي الذي يحتوي على نسبة عالية من السكر في الدم وحبّ الشباب، إن هناك حاجة إلى مزيد من البحث بالتأكيد. ورغم أن الأدلة العلمية لم تكن قوية بشكل عال، فإن الباحثين وجدوا أدلة تشير إلى أن تناول البيض أكثر من ثلاثة أيام في الأسبوع، وشرب كميات كبيرة من المشروبات الغازية، وتناول الأطعمة المالحة، يمكن أن تكون أيضاً عوامل غذائية تعزز حبّ الشباب.
وبالنسبة لمنتجات الألبان وارتباطها بزيادة انتشار حبّ الشباب كما تذكر العديد من الدراسات الطبية، أشار الباحثون إلى الحاجة لمزيد من البحث في تأثير أنواع منها دون أخرى. إذْ على سبيل المثال، وجدت دراسة نشرت عام 2019 في مجلة التغذية الاكلينيكية أن استهلاك بعض منتجات الألبان – خاصة اللبن الزبادي والجبن – لم يكن له أي تأثير على ظهور حبّ الشباب، بخلاف الحليب وكريم الحليب.
حبّ الشباب عند البالغين… فهم أسباب ظهوره
يسأل بعض البالغين: “أنا لست مراهقاً، لماذا ما زلت أعاني من حبّ الشباب؟!”. وللإجابة، فإنه ورغم أنه مشكلة في سن المراهقة، فإنه يمكن أن يصيب الأشخاص من جميع الأعمار.
وحبّ الشباب عند البالغين له العديد من أوجه التشابه والاختلاف مع حب الشباب لدى المراهقين، من حيث الأسباب والعلاجات، وهناك بعض الصفات الفريدة لحبّ الشباب عند البالغين أيضاً.
وتوضّح الدكتورة كريستينا ليو، الطبيبة في كلية الطب بجامعة هارفارد، قائلة: “حبّ الشباب عند البالغين، أو بعد سن المراهقة، هو الذي يحدث بعد عمر 25 سنة. والعوامل الأربعة التي تساهم بشكل مباشر في ظهور حب الشباب هي: زيادة إفراز الدهون، وانسداد المسام بخلايا الجلد، وتراكم البكتيريا، وعملية الالتهابات”. وهناك أيضاً بعض العوامل غير المباشرة التي تؤثر على العوامل المباشرة المذكورة أعلاه، بما في ذلك:
– الهرمونات والتوتر والدورة الشهرية عند النساء، كلها تؤثر على إنتاج الدهون الجلدية.
– منتجات الشعر ومنتجات العناية بالبشرة والمكياج، التي يمكن أن تسد المسام.
– النظام الغذائي الذي يمكن أن يؤثر على الالتهابات في جميع أنحاء الجسم.
– تناول بعض أنواع الأدوية.
هل حبّ الشباب مرتبط بالنظام الغذائي؟
علاقة أنواع الأطعمة بحبّ الشباب مرت بمراحل متأرجحة لدى الأوساط الطبية. وفي مقالته الطبية الحديثة بعنوان “هل النظام الغذائي مهم حقاً عندما يتعلق الأمر بحبّ الشباب عند البالغين”، يلخص الدكتور روبرت هـ. شميرلنج، طبيب الباطنية في كلية الطب بجامعة هارفارد، هذا الجانب بقوله: “عندما كنت مراهقاً، كانت النصيحة التي تلقيتها بشأن حبّ الشباب واضحة: تجنب الأطعمة الدهنية والشوكولاتة لأنها تحفز ظهور الحبوب وتجعل حبّ الشباب أسوأ. وبحلول الوقت الذي وصلت فيه إلى كلية الطب، كانت الرسالة قد تغيرت. وتعلمت أن العلاقة بين النظام الغذائي وحبّ الشباب تعتبر وهما، وأن ما نأكله ليس له علاقة كبيرة بجعل حبّ الشباب أفضل أو أسوأ. ولكن الدراسات الجديدة قلبت الأمور مرة أخرى، وتقترح أن النظام الغذائي قد يساهم في ظهور حبّ الشباب، على الأقل لدى البالغين”.
ومع هذه التقلبات في النظرة الطبية لعلاقة أنواع الأطعمة بحبّ الشباب لدى البالغين، والحاجة إلى مزيد من الدراسات للتأكد من نوعية هذه العلاقة بالنسبة لأنواع مختلفة من الأطعمة، ينصح أطباء الأمراض الجلدية بأن تنتبه إلى نوبات ظهور حبّ الشباب، وأن تسأل نفسك هذه الأسئلة: هل يبدو أن أي طعام أو شراب يتسبب في ظهور حبّ الشباب أو يزيد من سوء حبّ الشباب لديك؟ إذا بدا أن هناك شيئاً ما يؤدي إلى هذا الاختراق، فماذا يحدث عندما لا تتناول هذا الطعام أو المشروب لمدة يوم أو أسبوع أو شهر؟”.