“حبيبي الموت”

elmaouid

البحر هنا في خيالي… حاضرٌ بدلاً عنِّي … وأنتَ هنا، كمنفضة سجائرٍ تحتفِي برمادها، وذكرى حبيبٍ يخونُها بأن ينطفئ في أي مكانٍ و ليس فيها …

يُدخِّنُ الوقتُ ألآمنا ومنها يستمِّدُ النَّار و الاقتدار على الاحتكامِ طوعاً للأقدارِ

لا مفرَّ أنتَ هنا … واضحاً بالعينِ المُجرَّدة، كلُّ ذرَّةٍ منكَ بحرٌ موجاتُه لا تهدأ، تُشبِهُنِي كثيراً…

لم يعُدْ صوتي واضحاً في الرِّيحِ ولا قادراً أن يستريح، هو فقط يتمَرَّنُ على الصّمتِ ويتعوَّدُ على الارتفاعِ مُتكثِّفاً لن يُمطِرَ منه إلا القلق…

هل يصدِرُ القلب صوتاً إذا مات؟ كم نبضةً في الدقيقة يمكنها أن تكون دليلاً على الحياة؟

نام الأرقُ وانبسطَتْ ملامِحُه، يُشبِه دُنيا كلبة تتظاهرُ باللَّطافة، تكرَهُ النّاس وتتقنَّعُ وتعرفُ كيف تقنعهم بحبِّها، أنتَ هنا كذلك، سائراً في طريق اللاَّمجيء …

وأنا … دوماً لستُ هنا …

أنا تائهةٌ في دوائرٍ مُغلقة… بيني وبين الحقيقة حجابٌ فاصلٌ من الهلاوسِ والتهيؤات

أعرفُ أنَّ جُنوني فيتامين، وكلامِي نِيكوتين، وأنتَ ممنوعٌ عن إدمانِ تدخينِ سماعي أهذي بكَ، مِنكَ، وأشكُو الأرق… وقلبُكَ الأحمقُ تلزمه صفعةٌ على خدِّهِ …ليعودَ إلى رُشدِهِ .

حبيبي الموت أمهلني قليلاً ـــ قبل زواجِنا المحتُوم ـــ حتَّى ألبَسَ كفنِي الأبيضْ، فثوْبُ الزِفاف فضفاضٌ أكثرَ من اللاَّزم، أو أمهِلنِي قليلاً حتى أكتسِبَ وزناً زائداً وأستطيعَ تغطيةَ الشوق بظلِّي السَمِينْ …

أنتَ هنا … و لستَ هنا، أنتَ هنالكَ أيضا وبينهُما مسافةٌ ما تفصلُ بيني وبين نفسي وبين قرارِ الرحِيل …

لماذا تكذبْ ؟ أيُّ التوقعاتِ كذبة ؟ من منكَ هو الصحيحُ أنتَ أم أنتَ !

أم أنت الأخرى، لا أعرِفُها و أعرِفُ غيرها … تسكُنُ روحكَ التي فَقَدَتْ رُوحها، أو ربما أفْقَدَها الخدَاعُ ثِقَتَها بنفسِها …

أنتَ هنا يا صمتي المتكلِّم … خدَعْتَ كلَّ شيءٍ إلاَّ …… الحنين !