حال المسلم مع برد الشتاء

 حال المسلم مع برد الشتاء

 

إن عباد الله ينظرون إلى فصول السنة بعين المستثمر الذي يغتنم كل لحظه فيها في السير إلى الله. فالشتاء في نظر الإسلام وفي ثقافة الأمة الصالحة ليس هو شتاؤنا العابث لكنه مغتنم وصيد يترقبونه، أخرج الإمام أحمد رحمنا الله وإياه من حديث أبى سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “الشتاء ربيع المؤمن” وزاد البيهقي “طال ليله فقامه وقصر نهاره فصامه”، فعن أبى مسعود رضي الله عنه وهو يرحب بالشتاء كما يرحب الصاحب بخليله فيقول “مرحبا بالشتاء ينزل فيه البرد فيطول فيه الليل للقيام ويقصر فيه النهار للصيام” فلما حضرته الوفاة بكى فقيل له في ذلك فقال ما بكيت بجري الأنهار ولا لغرس الأشجار وإنما أبكي على ظمئ الهواجر وقيام ليل الشتاء ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر.

والشتاء كما أنه سانحة من سوانح العمر لإيلاف الطاعات من صوم وصلوات فإنه فيه مرحمة بالجياع والعراة، وما أكثرهم في بلاد الإسلام فكم مسلم يلسع البرد جنبيه لا يجد ما يتق به زمهريره، أو من يحمل روحه على راحته يخوض الماء ويواجه الثلج، وقد قال صلى الله عليه وسلم “من لا يرحم الناس لا يرحمه الله ” وقال أيضا: “من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ” متفق عليه. وما أكثر مآسي المسلمين في عالمنا الإسلامي، وما أكثر الحاجة في كل مكان، وجدير بالمسلم أن يكون له صدقة من لباس أو مدفأة أو غير ذلك. ويكفي المؤمن حادياً لعملٍ كهذا قول الله تعالى: ” وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا”. وكذلك الشتاء ممحاة للخطايا ومغسلة للذنوب قال صلى الله عليه وسلم “ألا أدلكم على ما يمحو به الله الخطايا ويرفع به الدرجات قالوا: بلى يا رسول الله قال: إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط “.