في صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ”. في زمن الوباء، نحتاج إلى أن نكون كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وكالبنيان يشد بعضه بعضا.
في زمن الوباء، نحتاج إلى البذل والسخاء؛ فكثير منا عنده من القوت ما يفوق حاجته، ومنا من لا يجد قوت يومه، ونبينا صلى الله عليه وسلم يحثنا على أن ننفق مما فضل عن حاجياتنا وضرورياتنا؛ ففي صحيح مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ، قَالَ: فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالاً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ زَادَ لَهُ”. قَالَ: فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ، حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لاَ حَقَّ لأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ.
في زمن الوباء، نحتاج أكثر إلى التعاون والتكافل الاجتماعي؛ حتى يكون كل فرد منا مشاركا في المحافظة على أمن البلد وسلامته، وعلى المصالح العامة والخاصة، ودفع المفاسد والأضرار المادية والمعنوية، يأخذ كل واحد منا بيد أخيه ناصحا وموجها ومعلما ومتضامنا، ومتسامحا، فنحن رُكّابُ سفينة واحدة، إن نجوْنا نجونا جميعا، وإن غَرِقنا غرقنا جميعًا.. وقد قال حبيبنا المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا” رواه البخاري. فلنحافظ جميعا على سفينتنا، على وطننا ومجتمعنا وأمننا وسلامتنا، حتى نخرج من هذه الأمواج المتلاطمة، وهذه المحن المتتالية، إلى بر الأمان بأمن وسلام. نسأل الله تعالى أن يديم علينا نعمه، ويكشف عنا السوء، ويحفظنا من البلاء والوباء.