جُموحُ انهزام

جُموحُ انهزام

يسافِرُ ريقُ الردى..
في عيونِ الصباحِ،
ويرتعشُ التيهُ..
أنقاضَ حُلمٍ وليدْ !!
يُلَوِّحُ للآتياتِ..
على كنهِ شكٍّ يراودُ صبغَتَهُ للحياةْ !!
-إليكِ دروبَ نجاة النجاةْ.
ولمْ يَلحظِ الماءَ..
يورِقُ في بؤرةٍ من ضياعْ !
كأنّ حُبابًا تساقطَ.. يستنزفُ الذكرياتْ..
ويبقى الأنينُ..
شراعًا إلى سطوةِ الفاجعاتْ..

تَنَهَّدَ دونَ انتباهِ الشفاهْ:
“…صبــ ــ ــــ ــ ـــــ ــاحْ… !!”
وأمسكَ؛
تجرِفُهُ غمغماتُ الصدى في امِّحاءِ انتظارْ..

لقدْ كان يُلقي على عاتقِ الأمسِ وعدًا..
وكانتْ تُعلِّمهُ أمُّهُ أن يعيدَ الحروفَ لضادٍ بضادْ..
تُعلِّمُهُ البسملةْ..
تُعلِّمهُ فتنةَ القلقلةْ..
فها هيَ تمكثُ تنتظرُ المفخرةْ !!

وها هوَ يمضي..
يلَوِّحُ للريحِ
-إثرَ اجتياحِ الأسى..
لقصيدِ المدى- برمالِ اصطبارْ !!
وبعضِ الندى يستفزُّ معانٍ..
تشدُّ الرحالْ..
إلى برهةٍ من خيالٍ خيالْ !!

وينفثُ غيمَ الصبابةِ سهوًا..
فتمطر من فوقهِ في اتساعْ !!
وفي غابةِ الليلِ يحتطبُ اليـأسُ
في وجهةٍ نحوَ دمعٍ مريبْ..
إذا ما تخطّى يخُطُّ الأماني،
تجمَّدَ يُهلِكُ غايةَ دفءٍ خصيبْ.. !!

ويعطسُ – لولا اغتسالُ المآسيَ –
قلبًا يُهدهِدُ منْ فوقهِ بالمشيبْ.. !!
على رِسْلِ بوْحِكَ..
يا ابنَ الحروفِ الثقالْ !

هنـــــــــاكَ.. هنــــــــــاكَ..
بوهلةِ فكرِ اقتصارٍ،
تصوغُ المغيبْ..
منارةُ أصداؤُها كالنحيبْ !!
ترِفُّ بصوتِ رفاقِ اغترابٍ،
يئنّونَ ممّنْ تُزَعزِعُهمْ قبضةُ السامريْ ..!!

وها أنتَ تَصرُخُ قبلَ اندماجِ الدجى..
في عيونِ الشفقْ !
بلونٍ غريبٍ على مُدلجٍ مُؤْنَسٍ بالأرقْ..
كما اعتدتَ حينَ تشُفٌّكَ أضلاعُ وجدٍ سقيمْ
يلاحقُ نجماتِهِ في انسجامْ
ويَأفَلُ معْ نبضِها..
مثلَ لهفةِ شوقٍ..
تعانقُ أسرابَها في سهادٍ جميلْ
يُطأْطئُ عَبْراتِهِ..؛
عنْ طباعٍ إلى المستحيلْ !!

أيا سندبادَ الْتِياعي رُويدَكْ؛
ألا وطنًا يستطيعُ احتواءكْ
سوى شهريار الضبابِ المباحْ !!

سَيَعتادُكَ الْ”قُمْ جفاءً،جفاءْ..”
ودمعُ احتضارِ امتلاكِ الهواءْ !!
ومعنًى صَدمْ:
“هُمُ القوةُ اليومَ ؛..صِنْوَ التخاذلِ..
في صورةِ الكبرياءْ

تبسم لي المساء؛
هنا السناء يرصّع السماء …
وغيمة لازوردية …
مازجت زرقة الأفق …
وأنا الهنيهة أقف على وتر كمنجة بالية …
لحنها الذي يحيي الطّلل يشق صدري …
ويصنع من خافقي نوتات شجيّة …
إلى أين يا شجوني ؟ …
ينتشلني اللّحظة الحنين من قاع الهاوية …
لأفلت عبثا …هي ضربة حظ إذن ! ..
كيف لكَ أن تنجو ؟ …
هل عادت المياه إلى مجراها الطبيعي ؟ …
أو تنفس القدر الصعداء …إذن …
أنت عازم على الاستمرار والبقاء …
قالوا : يجب أن تستريح وأن تستسلم قليلا …
توقف هاهنا ! هو القدر يا ابن المطر …
القي بكنهك للضجر والخمول …
إنه القضاء يا ابن أيلول …
قلت: لا ولن …أنتم تنثرون الغبار
وتعبّون محاجري ملحا…
تطلّقون ملّاحا من البحر …
وتترقبون بسذاجة أن يُبحر …
أو تجرّدون الرّاعي من نايهِ …
وتأمرونه أن يحرس قطيع الغنمِ من الذئبِ …
إنكم تحاولون عبثا اللّهاث خلف المستحيل …
يتسارع النبض حينا ويتباطأ حينا آخر …
آه أيتها الكمنجة البالية …
لم أعد أستطيع الوقوف على الوتر …
هل لي حقٌ في العودةِ؟ …قلت في نفسي …
مخاطبا آخري الذي كان هناك …
يشاطرني صمتي وجحافل مكنوناتي …
يقضم الوقت على سرير الحاضر …
ويقطف الحروف والكلمات …
ملحمة شكسبير …
عواصف جبران …
مطر السياب …
درويش يوشوش :
حصار لمدائح البحر …
شقائق النعمان …
لوركا والقيتار …
جحيم دانتي …
وماذا بعد ؟ ..آن لك أن تعود …
من بعيد البعيد ؛
بعد أن ضيّعت طريق العودة …
بعد أن انحرف النّهر قليلا عن مصبّه …
وتمرّد خلسةً على ضفتّيه …
وحدك ستعود …الآن …
والقمر يتقد لا ليضيء المكان…
كان يحترق بشدّة …وحين يجوع ؛
يأكل ضرامه …
ليهب النجوم ليلا من الرّماد …
وكانت النّجوم تعانق خاصرة السّماء …
يحملني جناح الذكرى صوب حياة أخرى …
ورؤاي بين السديم تبحث عن السناء …
من أنا الآن في ذا المدى؟ …
ردّ الصدى: آن لك أن تعودَ …

 

فتحي نحناح- أم البواقي-