بأعالي جبال بوعفرون والقلعة والزويتنة وخولة ببلدية الشحنة الواقعة على بعد 40 كلم جنوب جيجل، حيث تنتشر غراسة عشبة الضرو، يسابق الشاب نور الدين بريغن الزمن خلال هذه الأيام لجني حبات هذه العشبة من أجل استخلاص زيتها ذي المنافع الطبية المتعددة والتي يجهلها الكثيرون.
اعترف الشاب نور الدين الذي توارث أبا عن جد حرفة تحضير الأعشاب الطبية الطبيعية والزيوت العطرية بأن “الفترة الممتدة بين شهر ديسمبر وبداية جانفي تشكل أفضل فترة لجني حبات الضرو لأنه بحلولها يكون قد اكتمل نضج المنتج ومن ثمة تميزه بجودة عالية لاسيما من حيث المذاق، وهي الفترة المتزامنة أيضا مع جني الزيتون”.
وبشأن طريقة تحضير واستخلاص زيت الضرو ذي المنافع الطبية العديدة المثبتة، أضاف نور الدين “أحرص بمعية أفراد أسرتي على إتباع الطريقة التقليدية لما لها من فائدة عكس الطريقة الحديثة التي تستعمل فيها الآلات والتي قد تفقد الزيت قيمته”.
وبشيء من التفصيل، يقول “تبدأ العملية أولا بجني حبات العشبة يدويا دون استعمال المقص أو أي آلة ثم تنقيتها وغسلها، ليتم بعد ذلك تحضير الموقد بإشعال نار الحطب ثم توضع حبات الضرو في الكسكاس (وعاء به ثقوب كثيرة) لتتبخر ويصبح ملمسها رطبا لتأتي فيما بعد مرحلة العجن والطحن عن طريق المهراس والمصنوع هو الآخر من الحطب التقليدي”.
وأردف “وضمن المرحلة الأخيرة، يعاد إشعال موقد الحطب ووضع العجين في قطعة قماش من الشاش وتعليقها بمحاذاة النار، لتستفيد من حرارتها ومن ثمة يبدأ العجين يتقاطر بطريقة تقليدية في إناء يتم وضعه أسفل قطعة القماش، وبهذا تكون قد تمت عملية استخلاص زيت الضرو بنجاح ويصبح جاهزا للاستعمال بعد توضيبه ووضعه في علب مخصصة لذلك”.
وكشف نور الدين بأن “استخلاص لتر واحد من زيت الضرو يحتاج إلى ما يعادل 20 كلغ من حبات العشبة، وهو ما يفسر ارتفاع سعره الذي يصل إلى 5 آلاف دج للتر الواحد”.
وقال بأن “هذه الطريقة المتوارثة عن الأجداد تعد من أفضل طرق استخلاص زيت الضرو الذي لا يتعرض خلالها للحرق الذي يفقده الكثير من قيمته الطبية”.
وعرج ذات الشاب إلى الحديث عن أهم استعمالات زيت الضرو، حيث قال بأنه “مفيد بنسبة 100 بالمائة لعلاج الأمراض الجلدية وكذا الحروق من الدرجة الأولى، أما بالنسبة للحروق من الدرجة الثانية، فإن استعمال زيت الضرو لمدة 20 يوما ومن مرتين إلى ثلاث يوميا يسمح بإزالة الندب التي يتركها الحريق.
وأضاف بأن “استعمالاته لا تتوقف في علاج الحروق وفقط وإنما تتعدى ذلك، حيث يعتبر فعالا في حالات الإصابة بالزكام والسعال الحاد لكن وفق جرعات محددة لا تتجاوز ملعقة القهوة لدى البالغين ونصفها لكبار السن وربعها للأطفال الذين تزيد أعمارهم عن الخمس سنوات، كما يستعمل كسائل لدهن الصدر في حالة السعال الشديد”.
زيت الضرو لم ينل حقه من الدراسة والبحث
من جهته، أكد البروفيسور المختص في البيولوجيا ناصر جيرار، من جامعة فرحات عباس بسطيف والباحث في الطب البديل بأن “لزيت الضرو فوائد كثيرة”، متأسفا في ذات الصدد لكونه “لم ينل لحد الساعة حقه من الدراسة والبحث”.
وأضاف ذات البروفيسور “إن استعمال العصارات الحديثة والتي تزيد درجة الحرارة بها عن 70 درجة تفقد زيت الضرو مفعوله ومن ثمة يصبح عبارة عن زيت عادي ودون قيمة طبية”، مفيدا بأن “فوائد عشبة الضرو غير محدودة فإضافة إلى ما سبق ذكره تستخدم بعض الدول الأوربية صمغ العشبة في صنع الحلويات التي يتم بيعها فيما بأثمان باهضة، ولهذا فإن الاستثمار في هذا النوع من الأعشاب الطبية يظل خصبا ومربحا وبإمكانه استحداث الثروة”.
القسم المحلي