في اليوم العالمي للمتاحف

جولة تاريخية بين آثار الأباطرة, “متحف شرشال”.. كنوز قيصرية للمدينة الرومانية

جولة تاريخية بين آثار الأباطرة, “متحف شرشال”.. كنوز قيصرية للمدينة الرومانية

صُنف متحف شرشال بتاريخ 30 جوان 1981 ضمن قائمة التراث الوطني المحمي ثم متحف وطني، ويضم هذا المتحف القديم، الذي شيد في مطلع القرن الماضي بساحة الشهداء المحفوفة بأشجار “البال أمبراس” التي يناهز عمرها مائة سنة ويقدم صورة عن مدينة القيصرية القديمة التي عرفت تعاقب العديد من الحضارات، القرطاجية والرومانية، الإسلامية، العثمانية والفرنسية تبعا لشكل البنايات المتوسطية، والمتحف هو بناية ذات طابع متوسطي بحت، تعرض به اللوحات الفسيفسائية والتماثيل الخاصة بالآلهة القديمة وبالعائلة الملكية ليوبا، وهو مشكل من أربعة أروقة يتوسطها صحن، وعند مدخل المتحف توجد خريطة لقيصرية يوبا وما تحتويه من آثار لا تزال صامدة بعض معالمها.

 

سعر رمزي مقابل جولة رومانية

يكلفك الدخول للمتحف القديم أو الجديد 20 دينارا جزائريا وهو سعر رمزي مقابل مشاهدة المعالم الأثرية بالمدينة، حيث يضم متحف شرشال تماثيل تعد الأفضل مما اكتشف في إفريقيا مثل التماثيل الضخمة للإلهين الرومانيين أسكليبيوس وباخوس، أما المتحف المطل على العالم الخارجي ففيه بعض الآثار الرومانية مثل الفوروم، البازيليكا السيفيلية، وكذلك المسرح الروماني الذي كان يسع جمهورا يتراوح بين 10 آلاف إلى 14 آلاف مقعد.

 

المدرجات.. ميدان المبارزة وتدريب الأسود

وإلى الغرب منه توجد الحمامات، حيث يرى المدرج الروماني أو كما يسمى (الميدان) الذي كانت تتدرب فيه الأسود وكذلك كانت تستعرض فيه مبارزات الفرسان بالإضافة إلى العروض المسرحية.

 

المتحف الجديد

المتحف الجديد موجود قرب دائرة شرشال، وهو متحف تابع للديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية المحمية OGEBC تحت وصاية وزارة الثقافة، ويوجد مقره بدار عزيزة بالجزائر العاصمة، وتشهد متاحف ومواقع شرشال الأثرية زيارة حوالي 17 ألف زائر سنويا.

المتحف الجديد لشرشال هو بناية تعرض بها السيراميك والفخار وأشياء أثرية كثيرة مصنفة تاريخيا ويعود أغلبها للفترة الإسلامية والأندلسية والتركية.

 

المتحف القديم.. للعائلة الملكية مكان به

هو الذي يقابل مدخله الساحة العمومية التي بنيت في بداية القرن العشرين والمسماة بالساحة الرومانية، فقد بني هو الآخر في العهد الاستعماري، هو بناية ذات طابع متوسطي بحت، تعرض به اللوحات الفسيفسائية والتماثيل الخاصة بالآلهة القديمة وبالعائلة الملكية ليوبا، دخلنا المتحف المتشكل من أربعة أروقة يتوسطها صحن، وعند مدخل المتحف توجد خريطة لقيصرية يوبا وما تحتويه من آثار لا تزال صامدة بعض معالمها.

 

متحف شرشال.. نسخ التحف الفنية

يأوي المتحف إحدى روائع القطع المنحوتة على مستوى شمال إفريقيا كله حسب مسؤولة المتحف السيدة فاطمة الزهراء بن عكلوش، حيث تضيف لنا أن أغلب التماثيل المعروضة عبارة عن نسخ لتحف فنية إغريقية ضائعة، كتمثال هرقل وهو نسخة لتمثال من البرونز من إنجاز ميرون، وتمثال أبولو سرسال هو نسخة لعمل فيدياس، أما أثينا فهو نقل عن تمثال فينوس وهو إعادة لعمل براكسيتالو سكوباس.

 

متحف شرشال القديم.. فسيفساء الكتابة اللاتينية

أما جدران المتحف فهي مزينة باللوحات الفسيفسائية والكتابات اللاتينية وببعض الكتابات العربية، مع وجود قسم خاص بالشواهد الجنائزية، ونجد في صحن المتحف نافورتين جميلتين مزخرفتين بفسيفساء تمثلان مشهد الأوليس مع عرائس البحر ومشهد لانتصار نابتون.

وفي المتحف كذلك توجد تحفتان من الفن المصري مصنوعتان من الحجر الأسود، تمثل واحدة منها الكاهن بيدوباست وهو أكبر قساوسة الإله بتاح، وتمثل الأخرى ذراعا لتمثال هو توتموزيس الأول ملك من الأسرة الثامنة عشر.

 

وللمقاومة الشعبية مكان في المنطقة

وبمناسبة ذكرنا لعهد الاستعمار وتخريبه للمعالم الشرشالية، لابد أن نذكر أيضا المنطقة وما شهدته من حركة للمقاومة الشعبية في أوساط تلك المنطقة الغابية الهائلة، على يد قادة أمثال محمد بن عيسى البركاني الذي قاتل وقتل في معركة “الزمالة” سنة 1834م، وموسى بن علي بن حسين المصري الأصل والشهير بالدرقاوي أو “بوحمار”، نظرا لأنه كان يركب حمارا وهو يتجول بين القبائل لحثها على الجهاد.

 

التخريب في عهد الاستعمار الفرنسي

ويذكر أنه في عهد الاستعمار الفرنسي الأول لشرشال نقلت العديد من التحف إلى متاحف في مدن باريس والجزائر ودمرت الكثير من المعالم الشرشالية من أجل حجارتها للأسف الشديد، كالمسرح الروماني الذي استخدمت حجارته المكسوة في بناء الثكنات الفرنسية واستخدمت مواد الهيبودروم أو المضمار في بناء الكنيسة.

كما شهد ورواق الهيبودروم الذي كان معمدا بأعمدة من الغرانيت والرخام وممهدا بدرجات سلالم جميلة، تدميرا على يد الكاردينال المسيحي “لافيجيري” في بحثه عن قبر القديسة المسيحية “مارسيانا”.

لميا. ب