في سياق الجهود الوطنية الرامية إلى معالجة التفاوتات التنموية وتعزيز العدالة المجالية، أطلقت وزارة الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، عبر المديرية العامة لتهيئة الإقليم وجاذبيته، سلسلة من اللقاءات التكوينية المتخصصة لفائدة إطارات الولايات الحدودية.
وبحسب منشور لوزارة الداخلية، فإن هذه الدورات، التي أشرفت عليها الوكالة الوطنية لتهيئة وجاذبية الإقليم (ANAAT)، تمحورت حول أدوات المتابعة الحديثة كاللوحة الرقمية لمراقبة تنفيذ البرامج ونظام المعلومات الجغرافية (SIG)، وشكّلت منعطفًا مهمًا في مسار التهيئة والتنمية الشاملة للمناطق الحدودية. الولايات المعنية تنوعت في خصوصياتها الجغرافية، لكنها اجتمعت حول هدف واحد: الخروج بمقاربة دقيقة، واقعية واستشرافية لتهيئة مناطقها الحدودية، بما يخدم مصلحة ساكنتها، ويحقق التكامل التنموي مع باقي جهات الوطن. في ولاية تلمسان، خُصصت الدراسة لتهيئة وتنمية منطقة “التل الغربي”، وهي منطقة ذات أهمية تاريخية وجغرافية بالغة، تتطلب إعادة تصور عمراني وتنموي شامل يستثمر خصوصيتها المتنوعة. أما ولاية النعامة، فقد احتضنت دراسة حول منطقة “الهضاب العليا – غرب”، التي تُعد من المناطق الحيوية من حيث الامتداد الحدودي، لكنها تحتاج إلى مشاريع هيكلية لفك العزلة وتعزيز البنية التحتية. في ولاية توقرت، كانت المقاربة أكثر عمقًا، حيث تناولت الدورة إعداد مخطط تهيئة إقليم الولاية في مرحلته الأولى، الموسومة بعنوان “الوضع الراهن، التشخيص الاستشرافي وسيناريوهات التهيئة”. هذا المسار العلمي والدقيق يعكس التوجه نحو التخطيط المدروس المبني على معطيات ميدانية واضحة وأهداف تنموية قابلة للقياس والمتابعة. من جهتها، استقبلت ولاية تبسة دراسة موجهة لتهيئة وتنمية منطقة “الهضاب العليا – شرق”، في محاولة لتجاوز الإكراهات التنموية والتاريخية التي لطالما عانت منها هذه المنطقة الحدودية الاستراتيجية. للتذكير، فإن اللقاءات التكوينية لم تكن مجرد مناسبات تقنية، بل شكلت مدخلًا عمليًا حقيقيًا لانخراط الفاعلين المحليين في رؤية وطنية شاملة لتهيئة المناطق الحدودية، حيث تم من خلالها تعزيز قدرات الإطارات المحلية وتزويدهم بالآليات الحديثة لمتابعة تنفيذ المشاريع وضمان نجاعة الأداء التنموي، كما وفّرت هذه اللقاءات أرضية للحوار والتشاور بين المركز والولايات، ما من شأنه أن يُحدث ديناميكية تنموية متناغمة تُراعي الخصوصيات المحلية وتستند إلى رؤية وطنية متكاملة. وقد خلُصت هذه الدورات، إلى مجموعة من التوصيات الجوهرية، من بينها ضرورة اعتماد مشاريع نوعية ومندمجة تعزز جاذبية المناطق الحدودية، وتساهم في خلق فرص استثمار وتشغيل مستدامة، خاصة في البيئات الريفية وشبه الحضرية. كما شددت المداخلات، على أهمية إدماج الفاعلين المحليين في كل مراحل المشروع.
أ.ر