خرجت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عن صمتها بشأن الضجة التي أثارها المسلسل الرمضاني “الدامة” الذي يُبث على التلفزيون العمومي، الذي يبدو أن القائمين عليه لا يهتمون بمشاعر الجزائريين، بل أنهم ضاعفوا استفزازهم لهم عبر شاشاتهم ومواقعهم الإلكترونية للترويج أكثر لهذا العمل، فيما يعتقد البعض بأن المسلسل استطاع أن ينقل واقعا معاشا دون ماكياج.
وانتقدت الجمعية في منشور لها عبر فايسبوك أرفقته بصورة لمجموعة من الشباب في طريقهم إلى المسجد بحي باب الوادي الشهير في العاصمة، تركيز العمل الفني على إبراز النصف الفارغ من الكأس على باب الوادي بالعاصمة، قائلة: “لقد أُريد تصوير باب الوادي على أنه حي شعبي تتعاطى فيه المخدّرات، بوفرة، على نحو ظاهر وبيّن، ودون مواربة، والإدّعاء أن ذلك هو الواقع”.
بالمقابل، أبرزت الجمعية التي يقودها عبد الرزاق قسوم أن “هناك أيضا في باب الوادي الذي فيه أهـل الدين والإيمان والاستقامة، والحرص على صلاة الفجر في المساجد، والصحبة الطيبة، والطُّهر، والفضيلة، وسائر قيّم منظومتنا الإسلامية السمحاء”.
كما اعتبر المصدر ذاته أن “الأصل هـو تشجيع الفضيلة وتعزيزها في النفوس، والرُّقي بالمشاهدين إلى الأسمى والأعلى”.
وفي الختام، استدلت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بالآية 22 من سورة الملك، التي قال فيها عز وجل: “أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ”.
في المقابل، أعرب الإعلامي خلیل حنون، ناقد ومحرر شؤون السينما في قناة “الجزيرة”، عن إعجابه الشديد بمسلسل “الدامة”، وكتب عبر حسابه “مسلسل الدامة لفتني جدا، هذا المسلسل الجزائري فاجأني بمستواه في تقديم شخصياته، وأهل الحي ومشاكلهم اليومية، عدا التصوير والإخراج، والأهم الكاستينغ الموفق وأداء الممثلين، كما لفتني الممثلون الصغار وحضورهم وهم مواهب واعدة”.
وأضاف الأستاذ حنون “شاهدت حلقتين ومتابع له، نحن العرب المشارقة غير معتادين بصفة عامة، على مسلسلات بلاد المغرب العربي، وهذا المسلسل فرصة للتفاعل، بالنسبة لي فهمت حوالي 80 في المئة من الحوارات، فأنا على معرفة باللهجة الجزائرية ومفرداتها، من خلال أصدقاء ومعارف جزائريين أحتك بهم دائما، وساعدتني معرفتي للغة الفرنسية والأغاني الجزائرية، خاصة أغاني الشاب خالد، وأيضا بعض التركيز…”.
وكان ظهور اسم حركة انفصالية محظورة في الجزائر في أحد مشاهد مسلسل الدامة أثار الجدل في البلد، ما دفع سلطة “ضبط السمعي والبصري” إلى إصدار بيان توضيحي حول الحادثة.
وفي التفاصيل، ظهر شعار منظمة التي تصنّفها الجزائر “إرهابية وانفصالية” في أولى حلقات المسلسل الذي يُعرض على شاشة التلفزيون، حيث كان موجودًا على جدار في حي باب الوادي الشعبي الذي صوّر فيه المسلسل.
ورغم نفي التلفزيون الرسمي الجزائري تعمّد إظهار الشعار، طلبت سلطة ضبط السمعي البصري توضيحات حول الموضوع، ووجهت استجوابًا نيابيًا إلى وزير الاتصال محمد بوسليماني بعد الجدل الكبير على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضح بيان السلطة أن التلفزيون أكد أن “سبب ظهور تلك الكتابات خلال بثّ المسلسل يعود إلى عدم التركيز، سواء أثناء التصوير أو التركيب أو عند إعادة مشاهدة الحلقات”.
كما أشارت السلطة إلى أنها “اتخذت إجراءات صارمة ضد المتسببين في ذلك”، معتبرة أن “هناك التباسًا في القراءة الصحيحة لهذه الأحرف، التي لا تعبّر حسب سكان الحي عن رموز الحركة الانفصالية”.
وشددت سلطة ضبط السمعي البصري أن “التلفزيون العمومي له مسؤوليته القانونية، تجاه ما يقدمه من أعمال للمشاهد وتفادي الأخطاء المهنية غير المبررة”، داعية إلى “ضرورة احترام جميع مراحل إنتاج العمل التلفزيوني، ووجوب حرص لجنة المراقبة القبلية على تجنب الوقوع في الغموض والملابسات التي قد تحمل تأويلات وتعطي قراءات سيميولوجية ذات أبعاد خطيرة”.
وبعد صدور بيان سلطة الضبط والجدل الحاصل على مواقع التواصل الاجتماعي، انتشر مقطع فيديو يظهر فيه مخرج المسلسل يحيى مزاحم وهو يوضح أن العمل لا يروج للحركة التي يعتبرها “حركة إرهابية”، مؤكداً أن ظهور شعارها “خطأ غير مقصود”.
ب-ص