جلسة

جلسة

جلست يوما إلى مائدة جدتي..
حكت حكايات..
وألفت.. وتحدثت..
وساد الصمت خلف النوافذ..
هبط الليل إلى الذات لتنام في سبات.. كل شيء تغير.. تذمرت..
الحركة تدب في كل مكان.. كان صوتها يعلو بوجه كل طفل مشاغب يسكن حينا..

وينشر فوضاه بالرؤوس.. كانت تطاردهم في كل مكان..
دكاكين الحي مفتوحة.. أصوات الباعة تتلون بمختلف الكلمات في كل ناحية.. بكلمات منمقة تجذب الزبون إلى بضاعتها..
رغم براءة المكان.. إلا أن هناك طيفا يمر من هناك.. يقول أشياء قد نفهمها لكنها مبعثرة في حناجرنا.. ولا نستطيع التفوه بها..
الحروب المستمرة.. كل شيء يخطر ببالنا.. ونحن في شغف الأيام نبحث عن دفء يحمينا.. عن شمس تأوينا.. عن مطر يبللنا برائحته الطيبة..
ياه.. يا جدتي ما أجمل المطر!!!
وما أجمل أن يحمل أخبار الأمس عن كل من كانوا بحياتنا أقوياء.. فكانوا في منبت الحب سعداء..
باتوا كمن يحتفل بعيد ميلاد.. يعود كل عام وعام وعام..
فيأتي بجديده.. يأتي بأمانيه..
ويأتي بمخاوفه من مستقبل مجهول..
تطل جدتي.. تردد كلامها المعهود.. المشهود بلغة الذكريات..
كان يا ما كان وما ظل حدا زي زمان..
أتراه الزمن الذي يغطينا..
أم نحن الذين لم نجد له عنوانا.. فالحلم يقذفنا والأصوات تنادينا..
وحب جديد في أفقنا.. تدب فيه الحياة ويرسمنا..
تحلو معه كل أيامنا.. ونبحر معه بسفينة وقبطان..
ليتنا نبقى في هذا المكان..
صوتا.. صورة.. حلما.. وألحانا..

 

بقلم: إيمان رسلان/ باتنة