لم تكُن ثورة الجزائر أمرًا بسيطًا؛ فلم تحصل البلاد على حريتها بمئات أو آلاف الشهداء وحسب، بل كانت صراعاتٍ ممتدةٍ وكثيرةٍ بين الشعب الذي لا يملك من السلاح سوى ما يسد به الرمق وبين عدو يمتلك أحدث الأسلحة وأعدادٍ كبيرةٍ من الجنود ناهيك عن دعم الغرب الذين يريدون إطفاء جذوة الحق، والحق أكبر منهم. فعلى مدى سنواتٍ طويلة من امتداد المواجهات نرى الجزائرييّن الأبطال يستشهدون ويسقون تُراب بلدهم الحبيب بدمائهم، الواحد منهم تلو الآخر، حتى وصل عدد الشهداء إلى المليون ونصف المليون شهيد، فأصبحت الثورة الجزائرية تحمل لقب عدد شهدائها، فهي ثورة المليون شهيد، بل ثورة المليون أسد من الضراغم الشرسة. هؤلاء الشهداء كانوا وما زالوا وسيبقون دائمًا اسمًا مشرفًا للجزائر، ورمزًا من أهمّ رموزها لن يتمكن التاريخ من نسيانه مهما مرَّت السنون والعقود والقرون على انتهاء الثورة ونيل الاستقلال، وتكريمًا لهم تذكرهم الجزائر ويذكرهم شعبها، بل تذكرهم بقاع الأرض دائمًا، لأنَّ الشهيد لا يموت أبدًا، وإن غادرت روحه هذا العالم فيبقى اسمه خالدًا. أقلّ ما يمكن قوله عن عزيمة الشعب الجزائري صاحب الثورة إنّها عزيمة الحديد والنار؛ لذلك كانت تلك الثورة ثورة التحرير المجيدة التي لم تبخل بأرواحٍ لا ذنب لها سوى أنَّ عدوًا أراد الاستيلاء على وطنها العزيز، فحملها أصحابها على أيديهم وخرجوا للقتال، والأمل هو الذي يدفعهم ليكملوا الطريق التي قرروا اجتيازها مهما كان الثمن.