ثلاثة أفلام عن شهداء الجزائر.. استعادة مجد سينمائي ضائع أم بداية ثورة الفن السابع؟

ثلاثة أفلام عن شهداء الجزائر.. استعادة مجد سينمائي ضائع أم بداية ثورة الفن السابع؟

 

يتجسد الماضي البطولي في تاريخ الجزائر مع الاحتلال الفرنسي (1830-1962)، اليوم في حركة سينمائية محلية بنكهة ثورية، إذ تشهد البلد تصوير 3 أفلام دفعة واحدة، عن تلك الحقبة المجبولة بالدم، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ السينما الجزائرية، تزامنا مع الذكرى الـ60 لاستقلال “بلد المليون شهيد”.

وتروي الأعمال السينمائية قيد الإنجاز، سيرة 3 مناضلين استشهدوا خلال ثورة التحرير ضد المحتل الفرنسي، بتمويل مشترك بين وزارتي المجاهدين (المحاربين القدماء) والثقافة.

الأفلام الثلاثة تعيد إلى الأذهان بدايات العصر الذهبي للسينما الجزائرية، من بوابة الأعمال الثورية التي حققت نجاحا عالميا في سبعينيات القرن الـ20، ودخلت أروقة مهرجانات سينمائية دولية، وأشهرها “وقائع سنين الجمر” الذي نال السعفة الذهبية عام 1975 بمهرجان كان السينمائي لمخرجه محمد الأخضر حامينا، وكان الفيلم العربي الوحيد الذي فاز بهذه الجائزة. وكذلك فيلم “زاد” للمخرج الفرنسي، اليوناني الأصل، كوستا غافراس، وكان الفيلم الجزائري والعربي الوحيد الذي فاز بجائزة الأوسكار عام 1970.

أول الأفلام السينمائية الثورية الجديدة بدأ تصويره في قسنطينة في أوت 2022 عن الشهيد زيغود يوسف (1921–1956)، والذي أُطلق اسمه على مقر المجلس الشعبي الوطني، وهو قائد المنطقة العسكرية الثانية خلال الثورة.

والفيلم الثاني تدور أحداثه في المدية، وبدأ تصويره في أكتوبر الماضي، عن الشهيد العقيد أحمد بوقرة (1928–1959) قائد الولاية الرابعة. وأُسند إخراجه لجعفر قاسم الذي أخرج فيلم “هيليوبوليس” (2020) والسلسلة الدرامية “عاشور العاشر” التي لاقت رواجا وجدلا واسعين في الجزائر (2015–2017).

أما الفيلم الثالث، فعن الشهيد أحمد بن عبد الرزاق حمودة (1923–1959)، المعروف باسم سي الحواس، للمخرجة ياسمين شويخ، والذي يتم تصويره في منطقة مشونش في بسكرة. واختير للفيلم اسم “حامي الصحراء”، وهو يرصد حياة الشهيد وبطولاته التي خاضها ضد الاحتلال الفرنسي، وهي المعارك التي صعّبت من تقدم جيش الاحتلال إلى بقية المناطق الصحراوية الجزائرية، حتى آخر معركة خاضها في “جبل ثامر” بمنطقة بوسعادة حيث استشهد في 29 مارس 1959.

وأعادت الأعمال السينمائية الأخيرة طرح النقاش في الأوساط الفنية في البلد عن مدى قدرتها على استعادة مجد السينما الجزائرية من خلال الأفلام الثورية، وإن كانت قادرة على رفع سقف التوقعات بأن تخترق المهرجانات العالمية، وأن تتسابق على كبرى الجوائز السينمائية، أم أنها ستبقى رهينة السينما المحلية. وهل هي مؤشر على بداية “ثورة سينمائية” في الجزائر من بوابة ثورة التحرير الوطنية؟

المخرجة ياسمين شويخ دحضت أطروحة “توقف مجد السينما الجزائرية عند فترة سبعينيات القرن الماضي”، وقالت لـ “الجزيرة نت” إنه لا يوجد مخرج ليس لديه طموح بنجاح أعماله، محليا ودوليا، مشيرة إلى أن هذه الصناعة تشهد سنويا إنتاج أفلام مهمة تشارك في مهرجانات دولية، وتحصد جوائز كبيرة.

ولا تتفق شويخ مع الآراء التي ترى أن إنتاج هذه الأعمال الثورية دفعة واحدة مؤشر على “بداية ثورة سينمائية في الجزائر”، معتبرة أن “صناعة أفلام ثورية لا يعني ثورة سينمائية، فالسينمائيون الجزائريون في ثورة دائمة منذ عقود لإثبات قدراتهم. نحن نصنع أفلاما سينمائية ثورية واجتماعية، والمهم أن تكون صورة الجزائر على الشاشة الكبيرة. أما الثورة السينمائية في البلد، فلن تحدث إلا إذا كان هناك اهتمام كامل بالسينما”.

وتؤكد أن “الأفلام الثلاثة -التي يتم تصويرها حاليا- هي عن شهداء حاربوا من أجل تحرير الوطن، وشرف كبير لنا أن نخرج أعمالا سينمائية عن هذه الشخصيات التاريخية”.

وعن دلالات إنتاج هذه الأعمال الثورية، يقول عادل مخالفية، مدير “المركز الجزائري للسينما”، إن ثمة إستراتيجية لدى القيادة السياسية الجزائرية الحالية تهدف إلى النهوض بالصناعة السينمائية في البلد وتحقيق وثبة مهمة على هذا الصعيد، لافتا إلى أن تاريخ الجزائر “بحاجة ماسة إلى تنوير الرأي العام”.

ب/ص