الجزائر- قال مصدر دبلوماسي جزائري، إن الجزائر وتونس والمغرب تلح على أولوية توفير ضمانات أمنية في ليبيا قبل التوجه نحو الاستحقاقات السياسية، وسط توجس من قوى موازية تشوش على ترتيبات الملتقى
الوطني الليبي.
وذكر المصدر في تصريح إلى “بوابة الوسط”، الأربعاء، أن الخطة الأممية تعمل على توجيه دعوات لكل شخصية كان لها ثقل منذ فترة النظام الملكي إلى فترة القذافي، مرورًا بثورة فبراير وهي مهمة صعبة بحاجة إلى تضافر الجهود.
وتَوفُرُ الضمانات الأمنية يعتبر أولوية قبل تبني خيار الانتخابات بالنسبة للجزائر والمغرب وتونس، لاسيما وأن الجزائر تحمست بشكل كبير لإعلان وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني عن تشكيل غرفة أمنية مشتركة للمنطقة الوسطى وجنوب ليبيا، ووضع خطة موحدة لمتابعة الخروقات الأمنية في الجنوب، واعتبرتها خطوة إيجابية لتوحيد المؤسسات الليبية، والسبيل الوحيد للسماح بعودة الاستقرار في ليبيا.
وسعى المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة خلال زيارته إلى الجزائر، ضمن الترتيبات لتجاوز عراقيل عقد الملتقى، إلى الاستفادة من شبكة علاقات مسؤوليها مع أنصار نظام القذافي وتيارات قبلية، أخرى محسوبة على الإسلام السياسي لحضور الملتقى.
ويؤكد ذلك تصريح غسان سلامة خلال زيارته إلى الجزائر حين شدد على أهمية الاستفادة من خبرة مساهل لمعرفته الشخصية بعدد من القادة الليبيين، بقصد مواصلة المساعي للدفع قدمًا بالعملية السياسية نحو الأمام في ليبيا.
وتتحاشى الأمم المتحدة الوقوع في تكرار عقد مؤتمر شبيه بمؤتمرات دولية وإقليمية سابقة لم تحظ بالتفاف من طرف الليبيين، ما يعكس توضيحات سلامة من الجزائر بتأكيد عدم عقد الملتقى الوطني الليبي “حتى تتوفر كل الشروط”، التي من بينها أن يكون جامعًا للجميع بدون إقصاء لكل الأطياف، مضيفًا أن الدعوة للملتقى الوطني ستتم بعد نجاح الاتصالات التي يقوم بها.
أما الشرط الآخر الممهد لإجراء انتخابات (توفر الظروف)، قال سلامة إنه يرغب في انتخابات تقام في ظروف عادية تحت ظل قانون انتخابات ودستور، وأن يُنتخب رئيس يعرف ما عليه، وأن تتفق الأطراف كلها على الانتخابات كما تقبل بنتائجها قبل إجرائها.
وإلى حين توفر الشروط قطعت الأمم المتحدة الطريق أمام الأطراف التي تحاول تأليب الرأي العام الليبي في قضية عقد الملتقى والشخصيات المشاركة فيه، حيث أكدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الثلاثاء مسؤوليتها عن تحديد مكان وتاريخ انعقاد الملتقى الليبي.
واعترف غسان سلامة في الجزائر أن حل الأزمة الليبية ليس بالأمر السهل الذي يمكن تسويته بين عشية وضحاها، قائلا: “لقد حققنا تقدمًا كبيرًا في وقف إطلاق النار بشكل خاص في طرابلس، لكن لا يزال أمامنا طريق طويل، لذلك من المهم بالنسبة لنا في كل مرحلة من هذه المراحل، البقاء على اتصال بالجزائر لدفع العملية السياسية إلى الأمام”.
وقال سلامة إن استمرار التنسيق بين الطرفين يرجع بشكل رئيسي إلى القرب الجغرافي بين الجزائر وليبيا، والذي وصف بأنه “عبء ثقيل” على الجزائر، داعياً المسؤولين الليبيين إلى أن يأخذوا هذا البعد في الاعتبار.
وتتخوف الجزائر ودول الجوار من فرض الوصاية الأجنبية على الاستحقاقات القادمة، وهي رسالة ضمنية بعث بها رئيس المجلس الشعبي الوطني، معاذ بوشارب خلال لقائه مع سفير مصر بالجزائر، حين أكد نبذ الجزائر للتدخلات الأجنبية في ليبيا ودعمها للحوار الشامل، في وقت شكا وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي هذا الأسبوع من صعوبات جابهت بلاده في حل الأزمة الليبية، مشيرًا إلى أن تونس تعمل على إنجاح الملتقى.
وتشترك هواجس دول الجوار في قلق تحول الجنوب الليبي إلى مرتع للجماعات “الإرهابية” الموجودة من مناطق النزاع ومناخًا ملائمًا لتفريخ الإرهاب، وبؤرة جديدة من التوتر تشهد أنشطة تهريب البشر والسلع وتجارة الأسلحة والمخدرات.