تهدد صحة المواطن وتستنزف الخزينة، التسممات الغذائية… كابوس الجزائريين خلال فصل الصيف

elmaouid

تحول فصل الصيف إلى كابوس يهدد صحة المواطن ويقض مضجع السلطات العمومية، كونه يفتح الباب واسعا أمام نوع متجدد من الارهاب الذي يحصد في كل سنة العشرات من الضحايا ويكلف الخزينة العمومية مبالغا

باهظة تنفق في التكفل بضحايا التسممات الغذائية التي تحدث عبر الفضاءات التجارية سواء تلك الحائزة على تراخيص قانونية أو تلك التي تتحدى الأجهزة الرقابية للدولة.

يعد، التسمم الغذائي، من بين أكثر الأمراض التي تفاقم ظهورها في السنوات الأخيرة، خاصة في فصل الصيف، حيث وصل عدد المصابين بالتسمم الغذائي إلى حوالي 5000 مصاب سنويا استنادا إلى أرقام وزارة الصحة، ويرجع معظم المختصين سبب هذا الارتفاع إلى غياب الضمير لدى بعض الباعة والعاملين في مجال حفظ المواد الغذائية وكذا انعدام تطبيق المعايير المناسبة لحفظ وسلامة الأغذية، إضافة إلى انتشار الأسواق الفوضوية وانعدام الثقافة الغذائية لدى المواطنين.

إهمال نسبي لتاريخ المنتوج

قامت “الموعد اليومي” بجولة استطلاعية جابت خلالها عددا من المحلات التجارية المتواجدة عبر شوارع العاصمة للاستفسار من المواطنين ما إذا كانوا يضعون أولوية كبيرة لتاريخ نهاية الصلاحية أم اقتنائهم للمواد يكون عشوائيا.

أول من تحدثنا إليها السيدة “فاطمة” في العقد السادس من العمر التي قالت لنا إنها تشتري السلع الغذائية من عند البائعين دون مراجعة تاريخ نهاية الصلاحية، وأضافت أيضا أن الشيء الفاسد يظهر من خلال تغير لونه ورائحته وطعمه على حسب قولها.

أما “فوزي” فهو رجل في العقد الخامس وهو أب لستة أولاد والذي قال لنا إنه يشتري السلع الغذائية دون إلقاء نظرة على تاريخ نهاية السلع الغذائية ما دام يقتني سلعه من المحلات على حد قوله.

على عكس وجهة النظر هذه، تقول لنا السيدة “زهرة” وهي موظفة حكومية وأم لثلاثة أطفال إنها لا تقتني أي منتوج دون ملاحظة علامة تاريخ الإنتاج والاستهلاك لأن صحتها وصحة أطفالها هي الأساس.

 

الأسواق الموازية وغياب الصلاحية

عند تجولنا في أغلب الأسواق الشعبية في العاصمة وجدناها تعج بالمنتوجات الغذائية المعرضة للشمس والموضوعة بشكل فوضوي دون مراعاة الشروط الصحية ولا حتى القانون كذلك، وجدنا باعة يعرضون سلعا شارفت على انتهاء صلاحيتها بأسعار زهيدة وذلك لجلب المواطنين، كما لاحظنا إقبالا معتبرا عليها من قبل المواطنين.

اقتربنا من أحد المواطنين وهو “محمد” وسألناه عن سبب اقتنائه، فأجاب أنه لا ضير من استهلاك منتوج لم يمت بعد، وأن شراء مثل هذه المنتوجات تحفظ له كرامته ومصروف جيبه، كذلك السيدة “زهية” تشاطر “محمد” الرأي والتي قالت لنا إنها تتغاضى عن تاريخ المنتوج مادام لم يمت بعد وأن عرض مثل هذه السلع في الأسواق يساعدها على الحفاظ على مصروفها.

كذلك “إسلام” فقد كان له رأي مشابه لـ “محمد” و”زهية” الذي قال لنا إن المعيشة أصبحت غالية جدا على حسب تعبيره، وهذا ما أدى به إلى اقتناء السلع التي عليها تخفيضات وذلك من أجل تلبية متطلبات البيت، كما قال لنا إن راتبه لا يسمح له بشراء السلع ذات الجودة لأن الأسعار في تزايد والغلاء أصبح فاحشا، على حد قوله.

كما أن “فتحي” قال لنا وماذا بعد إن كانت السلع معروضة للشمس، المهم أن تكون غير فاسدة وبأسعار معقولة وأضاف أن مثل هذه الأسواق تساعده على شراء ما يحتاجه البيت من مواد بأسعار مخفضة.

 

.. ومحلات تسير على درب الأسواق الموازية

جولتنا الاستطلاعية قادتنا أيضا للتجول في مختلف المحلات الموجودة بضواحي العاصمة، فوجدنا أن معظم المحلات تعرض من حين لآخر سلعا من بينها سلع مستوردة لماركات عالمية معروفة شارف تاريخ صلاحيتها على الانتهاء وبأسعار معقولة، هذه السلع التي جعلت المواطن العادي ينساق إلى اقتنائها.

ضمن جولتنا الاستطلاعية دخلنا إلى محل ببرج الكيفان ولفت انتباهنا للوهلة الأولى اللافتتان الموضوعتان على سلعتين معينتين، الأولى موضوعة على معجون أسنان بقي شهر على انتهاء مدة نهاية صلاحيته مكتوب عليها السعر ونسبة التخفيض، والثانية موضوعة على شكولاتة ذات ماركة عالمية مشهورة مكتوب عليها السعر الأصلي ونسبة التخفيض التي وصلت إلى 50 بالمائة بقي شهر على انتهاء تاريخ صلاحيتها، كما لاحظنا أيضا اقبالا معتبرا من الزبائن الموجودين في المحل والذين قالوا لنا بالإجماع إنه لا ضير من اقتناء هذه السلع مادام تاريخ نهاية صلاحيتها لم يحن وأن استهلاكها سيكون سريعا، وفي نفس الشأن أضافوا أن هذه العروض هي بمثابة الفرصة لهم لاستهلاك هذه النوعية الرفيعة من السلع والتي كان يتعذر عليهم شراءها سابقا لغلائها الفاحش.

من جهة أخرى، قال لنا صاحب المحل إن عرض مثل هذه السلع في محله هي بمثابة وسيلة لتسويق سلعه المتبقية تجنبا للخسارة، كما أضاف أنه يحرص على عرض السلع التي لا يكون تلفها سريعا، مؤكدا أنه لم يأت ولا زبون يشتكي من التأثير السلبي لهذه السلع.

 

السيد بوشقيف معمر رئيس الجمعية الوطنية لحماية المستهلك: المواطن الجزائري صار حريصا على تواريخ الصلاحية

قال لنا السيد بوشقيف معمر وهو رئيس الجمعية الجزائرية لترقية وحماية المستهلك بالبليدة إن الجزائري أصبح أكثر واعيا وتفطنا، وذلك بفضل التوعية والحملات التحسيسية التي تقام عن طريق القنوات الإذاعية والمعارض التي قامت بها الجمعية، كما أشار إلى أن أكثر من 80 بالمائة من الناس يراقبون تاريخ نهاية الصلاحية، حيث أن الجمعية قامت بحملات تحسيسية حتى في المدارس وذلك لإكساب الأطفال ثقافة غذائية تجعلهم يحافظون على صحتهم، وفي سؤالنا له عن غزو سلع شارفت على انتهاء صلاحيتها للأسواق الشعبية وإقبال المواطنين عليها، يقول محدثنا إن مثل هذه السلع نقصت في الأسواق وأن نسبة قليلة من المواطنين التي تقبل على هذه النوعية من السلع، كما أضاف محدثنا بخصوص عرض المنتوجات في الشمس وعدم خضوعها للمعايير الصحية، أن هذا الأمر من واجبات الرقابة ومصالح الأمن.

 

“لاقلاسيار”.. من كمالية إلى ضرورية للحماية

تعرف محلات بيع مبردات الأغذية هذه الأيام رواجا كبيرا من قبل المصطافين الحريصين على شرائها لضمان حفظ أطعمتهم وحمايتها من أي تلف قد يعرض صحتهم للخطر، خصوصا أن درجات الحرارة قد سجلت معدلات قياسية، وهو ما يزيد احتمالات المرض.

ومن خلال جولة في المحلات والمراكز التجارية، وجدنا أنها تعرض علب تبريد الأغذية بمختلف الأشكال والأحجام والألوان، فهناك الصغيرة بسعر 1200 دج، والمتوسطة بـ 1800 دج. أما الكبيرة، فبسعر 3200 دج. وتحتوي على علبتين كبيرة وصغيرة، لكن ما يميز هذه الأنواع هو خفة وزنها مقارنة بعلب التبريد الأخرى، التي يتراوح سعرها ما بين 6 آلاف ومليون سنتيم، وهي أسعار متقاربة ومتشابهة عبر مختلف المراكز التجارية.

وعن سؤالنا عن قدرة هذه العلبة على تحمل البرودة أجابنا البائع أن هذه العلب جيدة، وهي مصنوعة من مادة “الكافور” وقادرة على حفظ درجة البرودة، مبررا انخفاض سعرها بكونها من صناعة صينية وليست من علامة تجارية شهيرة وتحظى بإقبال العديد من المواطنين لتوافقها مع ميزانيتهم.

وينصح المختصون في التغذية بعزل الأطعمة عند وضعها داخل علب تبريد التغذية، وفصلها عن بعضها البعض وذلك للتقليل من احتمالات التلوث وانتقال البكتيريا، خصوصا إذا كان الأمر يتعلق ببعض المواد غير المطهوة كاللحم والدجاج، فيجب عزلها تماما عن السلطة والطعام المطبوخ. والأمر ذاته بالنسبة إلى الفواكه، مع وضع كميات كبيرة من الثلج، خصوصا إذا كان موعد الذهاب صباحا. كما يشدد المختصون في التغذية على أهمية وضع علبة التبريد في الظل بعيدا عن أشعة الشمس.