سجلت الجزائر 15 جريمة قتل مروعة، خلال أسبوع واحد، بينها جريمة الشرطي الذي قتل 4 أفراد من عائلة واحدة، وهزت المجتمع الجزائري.
وشهدت عدة مدن جزائرية جرائم قتل راح ضحيتها أفراد من الجنسين، واللافت أن غالبيتها تمت بـ “الطريقة نفسها”، بعد أن استعمل الجناة “السلاح الأبيض” لتوجيه طعنات غادرة وقاتلة لضحاياهم.
من أبرز الجرائم التي هزت الرأي العام، تلك التي شهدتها، ولاية المسيلة، عقب قيام شرطي بقتل زوجته الحامل ووالديها وشقيقها الأصغر إثر خلاف عائلي، باستخدام سلاحه الناري الوظيفي.
وهناك جريمة أخرى وقعت غرب البلد وتحديدا بولاية وهران، بعد أن أقدم شخصان على قتل مراهق يبلغ من العمر 17 عاماً، بطعنات غادرة.
والملاحظ أن ضحايا الجرائم الأخيرة كانوا من الجنسين، إذ لقيت فتاة تبلغ من العمر 30 عاماً مصرعها، الثلاثاء الماضي، بولاية تيبازة، بعد أن عثر على جثتها، فيما بقيت ظروف مقتلها غامضة.
كما لقي شاب في الـ20 من عمره حتفه بولاية تلمسان إثر طعنات خنجر أردته قتيلاً من قبل مجهولين.
وبالطريقة ذاتها، قُتل شاب آخر بولاية جيجل بنفس عمر ضحية تلمسان، وشابين آخرين في الـ30 من عمرهما بولاية تبسة، بالإضافة إلى شاب يبلغ من العمر 29 عاماً بالعاصمة، ورجل في ولاية بومرداس في الـ47 من عمره، وشاب عمره 30 عاماً بولاية تيسمسيلت.
ناقوس الخطر
ودق أخصائيون وحقوقيون ناقوس الخطر بعد ما وصفوا ما حدث مؤخرا بـ “التزايد المخيف في نسبة الجريمة” في البلد.
وأثار تعدد الجرائم وتواليها موجة استياء شعبي، بعد أن تحولت إلى قضايا رأي عام، وطالب كثير من الجزائريين بتوفير الأمن في مختلف الشوارع والمدن، وتسليط أقصى العقوبات على المجرمين.
كما أجمعت ردود الأفعال الغاضبة على ضرورة التطبيق الصارم للقانون وعدم التساهل مع المجرمين، سواء في الأحكام القضائية أو في قرارات العفو التي يراها البعض “سبباً في تزايد منسوب الجريمة”.
هل هو ثقل الحجر المنزلي؟
ودق مختصون ناقوس الخطر وتوقعوا حسب قراءاتهم الأولى لمؤشرات الجريمة، أن المجتمع الجزائري يتجه نحو الانفجار النفسي للأفراد، ونحو مرض الخبل وجنون جماعي أشبه بالتمرد على الضوابط والحدود الأخلاقية والقوانين، وهذا يظهر جليا تأثيره على الشارع الذي يشهد استياء شعبيا وخوفا على الممتلكات والنفوس وفقدان الثقة في العلاقات الأسرية والأقارب والجيران.
انتشار جرائم القتل من مخلفات اليأس وضغوط “كورونا”
وقال الخبير الدولي في محاربة الآفات الاجتماعية، الدكتور ناصر ديب، إن الشارع الجزائري يعيش حالة اللاأمن، وأن الجريمة تتجه نحو التفاقم، بشكل رهيب، حيث تعتبر الهجرة غير الشرعية نحو الدول الأوروبية في عز وباء كورونا، أحد أوجه الياس القاتل للشباب، والوصول إلى قمة فقدان الثقة.
ويرى المتحدث أن الفراغ النفسي والحاجة والبطالة التي زادت من حدتها أزمة كورونا، أصبح ثقلا كبيرا لم تستطع تحمله بعض النفوس، وحمّل مصدرنا المسؤولين المحليين بينهم الأميار، مسؤولية زيادة هذا الثقل بعدم الاستماع إلى انشغالات الشباب.
وقال ديب، إن جرائم القتل هي صورة لحجم الضغوط الاجتماعية التي زادت حدتها خلال الحجر المنزلي، وتقع في الغالب على عاتق الرجل الذي يعيل أسرة، والذي يصاب بالانهيار في حال عجزه عن تسيير شؤون أسرته.
وأكد الخبير الدولي في الآفات الاجتماعية، ناصر ديب، أن ما يقع اليوم في الشارع الجزائري وداخل الأسرة من جرائم، هو تراكمات سابقة لمشاكل لم تحل ولم تهتم بها الجهات المسؤولة.
قانون بلا ردع
وتزامن تزايد جرائم القتل البشعة مع الظرف الاستثنائي، والحجر المنزلي بسبب كورونا، وخروج 20 ألف سجين استفادوا من العفو الرئاسي، واتساع رقعة الفقر وظهور عصابات السرقة بين مسبوقين قضائيا ومنحرفين جدد، حيث أكد ابراهيم بهلولي، أستاذ القانون بكلية الحقوق بن عكنون، أن الردع هو المشكل المطروح في ظل وجود ترسانة القوانين، وأن التساهل والتسامح مع المجرم، وإعطائه المبررات في الكثير من الأحيان، وراء زيادة الجريمة، مع وجود الأسباب الأخرى سابقة الذكر، ودعا إلى التركيز على جانب التأهيل وتكوين المساجين ودمجهم في الحياة العملية بعد خروجهم.
وقال بهلولي إن عدم التساهل مع المجرمين وتطبيق القانون الصارم ضد مرتكب الجريمة، قد يلعب دورا مهما في الحد منها في المجتمع.
وفي السياق ذاته، حذر المحامي عمار حمديني، من رفض إدماج المسبوق قضائيا في الشغل والمهن، حيث إنه بمجرد أن يعيش المسبوق قضائيا فكرة أنه منبوذ في المجتمع وغير مقبول في مؤسسات العمل، فإنه لن يقلع عن الجريمة وقد يطور ذلك ليشكل عصابات تكون أخطر على المجتمع.
ق.م