لقد تميز الإسلام بأنه دين السماحة واليسر، والعدل، وبهذا اختلف عمَّا سواه من الأديان؛ إذ كان من حكمة بعث النبي صلى الله عليه وسلم رفع الإصر والأغلال التي كانت واقعة بالأمم من قبلنا. يقول الله عز وجل ” الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ” الأعراف: 157. ولقد نفى الله سبحانه أن يكون إيقاع الحرج بالناس من مقاصد هذه الشريعة، كما أثبت أن اليسر من مقاصدها: ” يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ ” البقرة: 185. ولأنه دين السماحة واليسر، كان ديناً متسقاً مع الفطرة البشرية، فليس أحدٌ من الناس يعلم الإسلام، ويعرفه إلا وأحب الدين ودخله، ما لم تعرض له عوارض الحسد والكبر، ونحوها. وإن مهمة أهل الإسلام أن يحسنوا عرض هذا الدين للبشر من جهة أساليب الدعوة وطرائقها، ومن جهة التمثل بتعاليم الإسلام في السلوك.
وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله إني لأتأخر عن الصلاة في الفجر مما يطيل بنا فلان فيها، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأيته غضب في موضع كان أشد غضباً منه يومئذ ثم قال: ” يا أيها الناس: إن منكم منفرين، فمن أم الناس، فليتجوز، فإن خلفه الضعيف، والكبير وذا الحاجة ” رواه البخاري. وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بسكران، فأمر به فضرب، فمنا من يضربه بيده، ومنا من يضربه بنعله، ومنا من يضربه بثوبه، فلما انصرف قال رجل: ما له أخزاه الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم ” رواه البخاري. لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث بعض أصحابه، ويؤكد على عدم التنفير؛ لأنهم دعاة إلى الدين لا منفرين صادين عنه. ومن ذلك حديث أبي بريدة رضي الله عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا موسى ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما إلى اليمن قال: ” يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا ” رواه البخاري.