لم ينتظر سكان مزرعة بن بولعيد ببوروبة بالعاصمة طويلا لحزم امتعتهم إيذانا بالترحيل نحو شقق لائقة تحفظ كرامتهم، بل عمدوا إلى الاستعداد للتنقل عن مساكنهم الواقعة في منحدر والمليئة بذكريات المآسي والآلام وخطر الموت وكذا المعاناة بمجرد الإعلان عن المرحلة الثانية من عملية الترحيل رقم 26 بعدما استنفذوا طاقتهم في تنظيم احتجاجات أسبوعية فور تبخر حلم الترحيل خلال المرحلة التي سبقتها، معتمدين في ذلك على وعود رئيس بلديتهم وكذا الوالي المنتدب للمقاطعة الإدارية للحراش الذي طالبهم بوثائق متعلقة بالدخول المدرسي، آملين أن تتحقق الوعود هذه المرة على أرض الواقع ويودعوا ربع قرن من المعاناة داخل اكواخ غير صالحة للاستعمال البشري وإنما كانت ملاذا مؤقتا من ويلات العشرية السوداء، قبل أن تتحول مع مرور الوقت إلى واقع مفروض عليهم بسبب أزمة السكن.
دعا سكان المزرعة إلى العمل على تحقيق الوعود التي اطلقتها السلطات بشأنهم وتنفيذ التعهدات بكونهم أولى المرحلين خلال المرحلة المقبلة كونهم أكثر المتضررين حاليا من أزمة السكن بعدما تم احصائهم مجددا وتحيين ملفاتهم ومطالبتهم بجميع الوثائق اللازمة ومنها تلك المتعلقة بالدخول المدرسي، ما زرع لديهم الأمل مجددا وجعلهم يكفون عن سلسلة الاحتجاجات التي دأبوا عليها كل يوم اثنين في محاولة للضغط على السلطات واجبارها على الوقوف على معاناتهم التي دامت عقودا من الزمن، موضحين انهم يعيشون ظروفا صعبة يفتقدون فيها إلى أدنى ضروريات العيش الكريم، وسط انتشار رهيب للروائح الكريهة المنبعثة بسبب اهتراء قنوات الصرف الصحي، رغم تظافر جهود السكان لتنظيف الحي وإصلاح ما يستطيعون إصلاحه إلا أن الأمر أرهقهم نظرا لصعوبة احتواء الوضع بالحي، كما انهم يعانون من تسربات مياه الأمطار في فصل الشتاء إلى داخل بيوتهم المنهارة رغم محاولتهم المتكررة لإصلاحها وترميمها لكن ذلك لم يعد يجدي نفعا.
تجدر الاشارة إلى أن رئيس بلدية بوروبة بعث الامل مجددا في نفوس السكان بعد تاكيده لخبر الترحيل خلال المرحلة القادمة، مشيرا إلى أن السلطات بحاجة إلى العقار الذي شيد عليه السكان اكواخهم لبناء ثانوية وقاعة متعددة الرياضات ومن مصلحتها ايضا ترحيلهم وانهاء معاناتهم إلى الأبد.
إسراء أ.