تكوين أزيد من 3100 شخص بالجزائر العاصمة “مسعف لكل عائلة”… البرنامج الذي جسد الحس التوعوي للحماية المدنية

elmaouid

تم بولاية الجزائر تكوين أزيد من 3100 شخص من ضمنهم ما يزيد عن 600 عنصر نسوي منذ انطلاق برنامج ” مسعف في كل عائلة” سنة 2010، وذلك إلى غاية شهر فيفري المنقضي.

وأوضح المكلف بالإعلام للحماية المدنية الجزائرية الملازم خالد بن خلف الله، أن 3115 شخصا استفادوا من برنامج الدورات التكوينية التي تندرج في إطار برنامج المديرية العامة للحماية المدنية ” مسعف لكل عائلة” التي تدوم 21 يوما يتم خلالها تقديم دروس نظرية وتطبيقية من قبل ضباط وأطباء مصالح الحماية المدنية حول تقنيات الإسعافات الأولية الواجب تقديمها لأشخاص يوجدون في حالة خطر.

 

الذكور.. الفئة الأكثر إقبالا على التكوين

وأضاف أن فئة الطلبة الجامعيين من حيث المستوى التعليمي للأشخاص الذين تلقوا تكوينا بصورة تطوعية في الإسعافات الأولية تمثل 1.206 شخص من مجموع 3.115 الذين شملهم التكوين مقابل 870 شخصا لهم مستوى ثانوي و 884 شخصا لهم مستوى متوسط و151 من ذوي المستوى الابتدائي.

فيما غلبت فئة الذكور المقبلين على هذه الدورات بتعداد 2.492 رجلا مقابل 623 امرأة، بينما كانت الفئة العمرية بين 18 إلى 30 سنة الأكثر إقبالا على تلقي التدريبات الأساسية للإسعافات الأولية بـ 1666 شخصا مقابل 1449 شخصا تزيد أعمارهم عن 31 سنة.

وأفاد ذات المصدر أن البرنامج عرف منذ فتحه تزايدا في عدد المقبلين على التكوين في هذا المجال، فبعد تسجيل 48 شخصا فقط في البداية، سجل خلال سنة 2011 ما يعادل 398 شخصا ليرتفع العدد إلى 482 شخصا خلال سنة 2012 ليصل إلى 555 خلال سنة 2013 و 536 شخصا خلال سنة 2014 مقابل 370 شخصا سنة 2015 ليتراجع العدد سنة 2016 إلى 361 شخصا ثم إلى 248 شخصا سنة 2017 وبلغ منذ بداية السنة الجارية 81 شخصا.

 

أربع دورات سنويا بإشراك العناصر الأكثر كفاءة

وأشار ذات المتحدث بأنه يجري سنويا تنظيم أربع دورات تكوينية لبرنامج “مسعف لكل عائلة ” تتضمن دروسا و تقنيات التعامل مع حالات الحروق والكسور و الاختناقات والإغماءات والغرق إلى غيرها من الحوادث التي تشكل خطرا على حياة الأشخاص، مبرزا أنه سيتم إشراك العناصر الأكفاء من المسعفين المتطوعين في حالة وقوع الكوارث إلى جانب عناصر الحماية المدنية.

وأكد في ذات السياق أن حركات الإسعاف الأولى غالبا ما تكون “حاسمة”، لافتا إلى أن دورات التكوين لا تزال جارية وهي موجهة لكل شخص يرغب في تعلم كيفية إسعاف ضحايا الحوادث.

وحسب ما أكده الملازم أول خالد بن خلف الله، فإن “الإسعاف الجماهيري يحظى باهتمام بالغ من قبل القائمين على مصالح الحماية المدنية التي تسعى إلى توفير التكوين المتواصل للمسعفين الذين يمكن الاعتماد عليهم في حال وقوع حوادث أو كوارث ما وذلك عن طريق عمليات إنقاذ منظمة بفضل التكوين الذي تلقوه”.

وأضاف أن أعوان الحماية المدنية مجندون في كل الأوقات للحفاظ على سلامة المواطنين وممتلكاتهم، مذكرا في السياق بالأخطار المحتملة بالجزائر العاصمة من بينها مخاطر صناعية وأخرى مرتبطة بموقعها الجغرافي، وهو ما يقتضي جاهزية الأعوان في كل وقت تحسبا لوقوع أي من هذه الأخطار.

وأوضح المسؤول من جهة أخرى أن مشاركة المديرية الولائية للحماية المدنية بالجزائر العاصمة في إطار الاحتفال باليوم العالمي للمرأة المصادف لـ 8 مارس وذلك بزيارة نحو مركز المسنين بسيدي موسى، إلى جانب المساهمة في حملة تحسيسية للوقاية من مختلف الحوادث يوم 12 مارس الجاري بالمركز التجاري أرديس ضمن فعاليات “أسبوع النوعية لحماية المستهلك” التي تنظمها مديرية التجارة لولاية الجزائر.

 

مادة الإسعافات الأولية غائبة عن الثقافة الجزائرية

وفي ذات السياق، نلاحظ كثيرا ما يقف الناس في العديد من حالات الإصابة وغيرها عاجزين عن تقديم يد العون إلى المصاب، مع أن الحالة قد لا تكون معقدة، بسبب نقص معارفهم في مجال الإسعاف الأولي، الذي يعد مادة أساسية في أغلب أطوار التعليم عند الكثير من الدول، في حين يشكل غيابه من المنظومة التعليمية الجزائرية مشكلة حقيقية، تسببت في تأزم بعض المشاكل الصحية لبعض الناس بعد أن عجز المحيطون بهم عن تدارك الوضع بسرعة، مع أنها لم تكن تستوجب غير تدخل بسيط وبعض المعلومات المهمة.

وتفتقر أغلبية المنازل الجزائرية إلى صندوق الإسعافات الأولية، نظرا لغياب التوعية على المستوى الأسري، مسجلة بذلك تراجعا غير محمود في مجال الاهتمام الصحي، بعد أن كان هذا الصندوق من بين ممتلكات أسر كثيرة سابقا، وذلك بسبب وضع خطوط هاتفية للحماية المدنية تحت تصرف المواطنين، وإسراعها إلى نقل المرضى في أي وقت كان ومن أي مكان إلى أقرب مشفى لتلقي الإسعافات الأولية..

فمعظم الإصابات يمكن التعامل معها بسهولة وبقليل من الخبرة وكثير من العناية، لأن الإسعافات الأولية لا تعني في النهاية سوى رعاية وعناية فورية مؤقتة، يتلقاها من يتعرض فجأة إلى حالة صحية طارئة تتسبب له في نزيف أو جروح أو كسور أو إغماء.

ويرى العديد من الأطباء الجزائريين في حديث لهم أن الناس يعتقدون أن شخصا ما قد فارق الحياة إذا ما عاينوه ولاحظوا أن تنفسه قد توقف، أو أن نبضه استعصى على مسامعهم، ما يجعلهم يتأخرون عن طلب النجدة باعتباره ميتا، في حين أن ذلك قد يكون مؤقتا وبالإمكان أن يسترجع الشخص تنفسه ونبضه ببعض الإسعافات اللازمة، فمن الضروري أن يتعلم الشباب الاهتمام بعمليات التنفس الاصطناعي وإنعاش القلب والتعامل مع النزيف والصدمة.. وسائر مراحل العناية بالمصاب قبل نقله إلى المستشفى.

ويقولون إن غياب هذه المادة من برامج الدراسة في الجزائر قد جعل الكثير من المعلومات الرئيسة والمهمة والبسيطة -في الآن ذاته- تغيب عن أذهان الكثير، وبمجرد وقوع أمر ما لشخص ما، فإن محاولات إسعافه من طرف مَن حوله تتم ارتجالا ودون سابق معرفة دقيقة، فمن المهم جدا أن يتم تحديد نوع المرض أو الإصابة اعتمادا على وصف وقائع الحادث والأعراض و العلامات المشاهدة، من أجل الوصول سريعا إلى تقييم وتشخيص صحيح وسريع للإصابة أو الحالة.

ويشير محدثونا إلى أنهم عاينوا في العديد من المرات حالات تأزمت إصاباتها بسبب سوء التكفل الأولي بها، حيث إن هناك أمورا أساسية لابد من أن يتعلمها أي إنسان مهما كان سنه أو مستواه الدراسي، وعلى رأسها: معرفة كيفية حمل المريض من مكان الحادث، وذلك لتخفيف احتمالات تعرضه لمزيد من الضرر أو الأذى، علامات الاستجابة من عدمها، معرفة التعامل مع إصابات العمود الفقري، معرفة التعامل مع الحروق، تعلم كيفيات تدليك القلب، تعلم كيفية التعامل الفوري في حالة الكسور، والتعرف إلى ما إذا كان هناك نزيف داخلي أم لا للسيطرة التامة عليه. ورأوا أنه من الضروري أن تسارع السلطات المعنية إلى تدارك الوضع، بإدراج الإسعافات الأولية كمادة أساسية في البرنامج الدراسي الجزائري، وأن تكون ضمن السنوات الأولى من التعليم، حتى يتعود الطفل من الصغر على التعامل مع الحالات الطارئة بدراية وعقلانية بدلا من الانفعال والخوف وعشوائية التصرف، ما قد يضر بالمصاب أكثر مما يفيده.