تكريم المرأة في الإسلام

  تكريم المرأة في الإسلام

 

امرأةٌ عجوز، جاءت تشكو زوجها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تقول: أكل شبابي ونثرت له بطني حتى إذا كبرت وانقطع ولدي مني، ظاهر مني، اللهم إني أشكو إليك.. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يُنصت لها ويَسمع شكواها بكل تواضع ورحمة. فماذا كان رد الفعل لهذه الشكوى من هذه المرأة العجوز؟. فما برحت من مكانها حتى نزل الوحي من الرب جل وعلا: ” قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ … ” المجادلة: 1، لِيُخَلَّدَ هذا الموقف العظيم، وتُعلنُ هذا الآيات الكريمة، ليس الرسول لوحده الذي استمع لهذه المرأة وتواضع لها، وإنما رب العالمين جل شأنه من فوق سبع سموات سمع شكوى هذه المرأة الضعيفة المسكينة وبين الحل لشكواها، وطريقةَ عودةِ زوجها إليها. كان بإمكان الرسول صلى الله عليه وسلم أن يخبرها بحل المشكلة، لكن التكريم العظيم للمرأة جاء في إنزال هذه الآيات لكي يتلوها الناس فيتذكروا تلك المرأة التي يحتقرها البعض ويظن أن احتقارها من الدين.

جاء القرآن الكريم ليؤكد أن المرأة مهما كانت كبيرةً أو ضعيفة فالإسلام نصيرٌ لها يحميها، ويرفع مكانتها ويصونُها بما لا تجده في أي مجتمع من المجتمعات. وليس هذا فحسب، بل إنه صلى الله عليه وسلم كان يقدر رأي المرأة في أمور تخص شؤون المسلمين بصفة عامة. فسيد الأولين والآخرين ورسول الله إلى الخلق أجمعين صلى الله عليه وسلم، يأخذ برأي امرأة ولا يستنكف في ذلك، ولا يراه شيئا يعيب رجولته، ولا يجد فيه ما يغضُّ من مكانته كنبي عظيم ورسول كريم وقائد أمة. رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ برأي امرأة ويراه صائبا ليعلمنا مكانة المرأة، وقيمة رأيها، واحترامه وِجهة نظرها، تذكر الروايات أن الرسول صلى الله عليه وسلم بعد فراغه من كتابة صلح الحديبية، أَمَرَ أصحابه بالتحلل من إحرامهم، بأن يحلِقوا رؤوسهم ويذبحوا هديهم، فلم يقُمْ منهم أحد.

فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم خيمته والغضب الشديد ظاهر في وجهه، فسألته أم سلمة عما به، فقال لها: “هلك المسلمون، أمرتُهم أن ينحَروا ويحلِقوا فلم يفعلوا”، فقالت يا رسول الله: لا تَلُمْهُمْ فإنهم قد داخَلَهُم أمرٌ عظيم مما أدخَلْتَ على نفسك من المشقة في أمر الصلح ورجوعهم بغير فتح.. ثم أشارت عليه أن يخرجَ ولا يكلمَ أحدا منهم ويَنْحَرَ بُدْنَهُ ويحْلِقَ رأسه، ففعل النبي صلى الله عليه وسلم كما قالت، فلما رأى الناس ذلك قاموا فنحروا وحلقوا، حتى كاد بعضهم أن يقتل بعضا من شدة مسارعتهم لفعل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم.