الجزائر -أحدث تقرير الأمين العام للأمم المتحدة المقدم لأعضاء مجلس الأمن الدولي بتاريخ 29 مارس الفارط “زلزالا” مدويا في الرباط، لم يترك مجالا حتى لمحاولة إخفاء الارتباك الحاصل على مستوى “القصر السعيد”
الذي يركن إليه الملك في استقراره واستقرار مملكته.
“ضربة موجعة”.. أقل ما يمكن أن يقال في التقرير الذي تلقت الرباط سطوره بارتباك كبير، استنفر كل ناطقي المملكة من المشور السعيد إلى مبنى نيويورك مرورا بالقصر الملكي بالتواركة وشارع روزفيلت بالرباط، كونه يمس نقطة حساسة قد تنسف كل “مناورات” المغرب وجهود التعتيم التي طالت ممارساتها “الدنيئة” حق الشعب الصحراوي على أرضه المحتلة.
تقرير رحب به الصحراويون بما فيه، كونهم سجلوا على الأقل بأن التقرير دحض بوضوح الإدعاءات المغربية الكاذبة التي لا أساس لها، وادعاءاته حول انتهاكات مزعومة لوقف اطلاق النار من قبل جبهة البوليساريو، وقالت هذه الأخيرة “إن التقرير وفيما يتعلق بحقوق الإنسان، قدم مؤشراً جيداً على انتهاك المغرب لحقوق الإنسان ضد الصحراويين في الأراضي المحتلة، بما في ذلك محاكمة كديم إزيك، وعلى عكس ذلك أبرز التقرير حماية جبهة البوليساريو لحقوق الإنسان بمخيمات اللاجئين الصحراويين”.
وبدلا من المواجهة، اختار محمد السادس وفرقته “العازفة” على وتر الجزائر “شماعة أبدية”، أن ينقذ نفسه بـ “مسح سكين” الانتكاسة وملاحقة التاريخ في جواره الشرقي وهو يتوجه إلى الأمين العام برسالة “شاكية” تتضمن عبارات بهلوانية من شاكلة “الجزائر مسؤولة عن تردّي الأوضاع في الصحراء الغربية، والتوتر الجاري حالياً في المنطقة العازلة”!. وماثلة “توغلات البوليساريو” في المنطقة العازلة!!.. وكأن العالم لم يسمع بالاقتحام المغربي الفاشل للكركرات وانصياع المخزن مكسور الأنف لطلب الانسحاب الصادر عن الأمم المتحدة قبل الهيئات الأخرى؟!.
بطبيعة الحال عندما ينطق الملك، تعلو كل المنابر النائبة والتابعة بدءا برئيس حكومته سعد الدين العثماني الذي نفى أصلا اتجاه ملكه أولا ثم مضمون التقرير الذي قد لا يكون ما قرأه العثماني حينما يقول “التقرير الذي قدمه الأمين العام للأمم المتحدة بشأن الصحراء إلى مجلس الأمن، يتضمن الكثير من الإشاعات التي تعد جزءا من الحرب الإعلامية ضد المغرب”، ثم “أن التقرير كان في عمومه متوازيا ومنصفا لجهود المغرب” ما يجعل المتتبعين يتساءلون أنه “ما دام التقرير يخدم الأطروحة الاستعمارية، فماذا أزعج أمير المؤمنين؟” وجعله يستنطق وزير خارجية حكومتك لديه ناصر بوريطة ليقول الملك لم تعجبه التطورات “الميدانية” وهي تغطية على التطور الديبلوماسي الذي لم يأت على ذكره… وما معنى أن يوحي بوريطة بأن المغرب “ينبه” ويعتزم إعادة خلط الأوراق بخيار أحادي دون انتظار التسوية الأممية؟ !وما معنى أيضا أن يلوح وزير الخارجية المغربي بأن المخزن يفكر في الحرب باستحضار مجموعة من الذرائع.
للتذكير، ليست الأمم المتحدة والدول الملاحظة في الملف فقط من لفتت الانتباه إلى الوضعية الحقوقية والانتهاكات المغربية، لكن أيضا منظمات غير حكومية وجمعيات على غرار منظمة العفو الدولية التي أعربت عن قلقها للتعذيب والاختطافات القسرية والقتل الذي تمارسه السلطات المغربية في حق الصحراويين.
وتعتبر الصحراء الغربية إقليما يخضع للتسوية في إطار تصفية الاستعمار ضمن اللائحة 14/15 الأممية وكذا القرار الاستشاري لمحكمة العدل الدولية وهو ما تبني عليه الجزائر موقفها الداعم للقضية التحررية العادلة، نائية بنفسها عن الدخول في “المناورات المغربية” التي تسعى في كل مرة للتخلص بها من العار التاريخي الذي يلاحقها والشرعية الدولية التي تحاصرها.