شددت على الانضباط الميزانياتي وترتيب النفقات حسب الأولوية

تفاصيل خارطة طريق لإعداد مشروع قانون المالية لـ2026 في أفق تحديات متعددة

تفاصيل خارطة طريق لإعداد مشروع قانون المالية لـ2026 في أفق تحديات متعددة

ركزت مراسلة وزير المالية، عبد الكريم بوالزرد، الموجهة إلى الأمرين بالصرف على ترشيد النفقات العمومية كأولوية أساسية في إعداد المشروع التمهيدي لقانون المالية وميزانية الدولة لسنة 2026، حيث شددت على ضرورة التحكم الصارم في الإنفاق وتبرير كل اقتراح ميزانياتي “دينارا بدينار”، انسجاماً مع الظرف الاقتصادي الاستثنائي الذي تمر به البلاد نتيجة التوترات الجيوسياسية وآثار التغيرات المناخية وعدم استقرار المداخيل العمومية.

وتهدف هذه التعليمة إلى توجيه إعداد الميزانية في إطار أكثر واقعية وانضباطا، مع التركيز على تحقيق الأثر الفعلي للبرامج الممولة وضمان استدامة التوازنات المالية. وجاء في التعليمة، أن مصالح وزارة المالية شرعت في التحضير للمشروع التمهيدي لقانون المالية لسنة 2026 والفترة 2027-2028، وهو ما يفرض على الأمرين بالصرف الالتزام بالتوجيهات الاستراتيجية والإطار المنهجي المحدد، بما يسمح بتحقيق انسجام بين السياسة المالية والتوجهات الاقتصادية الوطنية. وفي هذا السياق، دعت المراسلة إلى تعزيز نهج الأداء في إعداد الميزانية، من خلال اعتماد ميزانية البرامج المبنية على النتائج، وتوجيه التسيير نحو تحقيق أهداف محددة ضمن القيود الميزانياتية المتاحة. وذكّرت المراسلة، بأن قانون المالية لسنة 2025 حدّد متوسط النفقات للفترة 2025-2027 عند مستوى 17.400 مليار دينار، مقابل تغطية غير محتملة من الموارد المتوقعة، ما يستوجب اعتماد نهج يقوم على تحسين الإيرادات، توسيع الوعاء الضريبي، وتطوير القطاعات غير المرتبطة بالمحروقات. كما دعت إلى بذل جهود إضافية في ضبط الالتزامات، قصد الحفاظ على توازنات الخزينة على المدى القصير وضمان استدامة الميزانية على المدى المتوسط. وشددت على أن تحديد سقوف النفقات التقديرية لسنة 2026 حسب كل محفظة برامج لا يعني الالتزام بها بشكل آلي، بل يستوجب التعامل معها بحذر في ظل عدم استقرار الإيرادات الخارجية.

 

تعليمات للأمرين بالصرف بتأجيل الأنشطة غير ذات أولوية

وطالبت المراسلة بمراجعة أو تأجيل الأنشطة غير ذات أولوية أو التي لم تثبت جدواها، بما يتوافق مع الإمكانيات المالية المتاحة، مع ترتيب الاحتياجات حسب الأولوية، وضمان الحفاظ على مصالح الدولة وتوجيه الموارد نحو المحاور ذات الأولوية التي التزمت بها السلطات العمومية. كما دعت إلى أن تواكب ميزانية الدولة التحديات الاقتصادية والاجتماعية من خلال نهج واقعي، صارم، وحذر يأخذ بعين الاعتبار القدرة الفعلية على تعبئة الموارد. وفي ما يتعلق بأهم الأولويات التي وجب مراعاتها في إعداد الميزانية، تضمنت المراسلة عدداً من المحاور الاستراتيجية، من بينها دعم الانتعاش الاقتصادي وتنويع مصادر النمو، من خلال تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي، دعم القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، ومواصلة إنجاز المشاريع الكبرى على غرار خطوط السكك الحديدية في الجنوب والهضاب، ومرافقة المشاريع الفلاحية الهيكلية في المناطق الجنوبية، وتنفيذ برنامج تهيئة وتحديث العاصمة في أفق 2030. كما تم التركيز على تعزيز الصمود الغذائي والمائي عبر تطوير قدرات تخزين الحبوب، دعم النشاط الفلاحي، ومواصلة مشاريع تحلية المياه وربط السدود واستغلال المياه المعالجة. وشملت المحاور كذلك تحسين جودة الخدمات العمومية في قطاعات التعليم، الصحة، والبنى التحتية، ودعم برامج السكن بمختلف صيغه، وضمان الوسائل الضرورية لحماية الأمن الوطني، بالإضافة إلى دعم جهود الرقمنة والتحول الرقمي وعصرنة الإدارة. وأكدت المراسلة على ضرورة احترام جملة من المبادئ التوجيهية، أبرزها الاستدامة الميزانياتية، ترشيد النفقات، ترتيب الأولويات، وتخصيص الموارد بشكل استراتيجي للبرامج الأكثر تأثيراً، مع ضرورة إرفاق المقترحات الميزانياتية بمؤشرات أداء قابلة للقياس، وإشراك جميع الفاعلين في سلسلة النفقة على المستوى المركزي والمحلي.

 

انطلاق مناقشات الميزانية ابتداء من 22 جوان الجاري

ودعت إلى منح الأولوية لاستكمال مشاريع الاستثمار الجارية، خصوصاً تلك المدرجة ضمن حساب التخصيص الخاص رقم 145-302 المتعلق بصندوق تسيير نفقات الاستثمار العمومي، والذي سيُغلق نهاية السنة المالية الجارية، مع ضرورة إعداد برمجة متعددة السنوات للاعتمادات ذات الصلة وترتيبها حسب الأهمية. وأُرفقت مراسلة التأطير هذه بوثيقة تتكون من ثلاثة أجزاء تشمل الإطار الاقتصادي الكلي وإطار النفقات متوسط المدى، التوجيهات الأساسية لتحضير قانون المالية وميزانية الدولة لسنة 2026، وميزانية البرامج ونهج الأداء، مع إلزام القطاعات بإرسال مقترحاتها في موعد أقصاه 15 جوان 2025، ورقياً وإلكترونياً، عبر منصة “إعداد”، على أن تنطلق المناقشات الميزانياتية ابتداء من 22 جوان 2025 بمشاركة مسؤولي البرامج والمراقبين الماليين في إطار اللجان الميزانياتية.

سامي سعد