تزايد عودة العناصر المسلحة إلى الجزائر وتسليم أنفسهم يعد نجاحاً  لها… خطة استخباراتية للجيش لاختراق التنظيمات الإرهابية في الساحل

elmaouid

الجزائر- كشفت مصادر أمنية عن وجود خطة اتصالات بين السلطات العسكرية وإرهابيين بينهم قيادات بارزة في تنظيم “كتيبة الصحراء” التابع لتنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” خصوصا مع القادة الجزائريين في

تنظيم “أنصار الإسلام” الذي يقوده الدبلوماسي المالي السابق، إياد غالي، والمتمركزين في مناطق شمال مالي، وكذلك بقايا عناصر تنظيم “حركة أبناء الجنوب من أجل العدالة”، لإقناعهم بالعدول عن العمل المسلّح، والاستفادة من تدابير العفو التي يتضمنها قانون المصالحة الوطنية.

وقالت المصادر إنّ هذه الاتصالات التي تتم عبر وسطاء، تشمل أسماءً بارزة في هذه التنظيمات، بينها نائب تنظيم “أنصار الإسلام”، يحيى أبو الهمام، بحسب ما أفاد به موقع “العربي الجديد”.

وأشارت المصادر إلى أنّ “السلطات الجزائرية تحاول أن تفتح ثغرة كبيرة داخل هذه التنظيمات، عبر استقطاب القيادات البارزة والمؤثرة في العمل المسلح في الصحراء والساحل، وهي ترغب في تكرار إنجاز أمني كبير حققته عام 2006، عندما نجحت في إقناع زعيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال حينها، حسان حطاب، بتسليم نفسه ووقف نشاطها، رغم تزامن ذلك مع عمليات دامية نفّذها التنظيم في تلك الفترة”.

وأوضحت المصادر الأمنية أنّ “أولى ثمرات هذه الخطة كانت استسلام أ. مولتافة، المكنّى بـ(أبو عيسى)، والذي يعدّ من قيادات الصف الأول في التنظيمات الإرهابية في الصحراء والساحل منذ عام 2015″، مشيرةً إلى أنّ السلطات الجزائرية “تحاول استغلال الظروف المناسبة حالياً، بعدما توصّلت إلى اتفاق مع الجيشين المالي والنيجري والقوات الفرنسية التي تدير قوة مجموعة الخمسة (مالي، النيجر، بوركينا فاسو، تشاد وفرنسا)، يتعلّق بتوفير ممرٍ آمن للإرهابيين الذين يرغبون في تسليم أنفسهم للجيش الجزائري على الحدود”.

ويعتبر تزايد عودة العناصر المسلحة إلى الجزائر وتسليم أنفسهم بشكل متتابع للسلطات، نجاحاً نسبياً لهذه الخطة، وإحداث نزيف حاد داخل تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” والتنظيمات الأخرى الناشطة في الصحراء والساحل، إذ سلّم ثمانية عناصر أنفسهم دفعة واحدة للجيش في منطقة تمنراست، أقصى جنوبي الجزائر، بين 22 و23 ماي الجاري، بينهم عناصر وصفتهم وزارة الدفاع الوطني بـ”الخطرين”.

ويرتفع بذلك عدد الذين سلموا أنفسهم لقوات الجيش منذ بداية شهر أفريل الماضي إلى 25 شخصاً في المنطقة الجنوبية من الصحراء، إضافة إلى اعتقال أربعة آخرين في المنطقة ذاتها.

ويقول متابعون لتطوّر الملف الأمني في منطقة الجنوب خصوصاً، ولا سيما في ما يتعلّق بمكافحة الإرهاب وصعوبة المنطقة والتوترات المحلية في شمالي مالي والنيجر والتدخل الأجنبي، إن “مجهود  الجزائر الذي أثمر استعادة عدد من المسلحين، يدخل في سياق عمل استباقي، تستهدف الجزائر من خلاله إنهاء الملف الأمني في منطقة الجنوب، والحذر من أي تداعيات مستقبلية لتطور الأوضاع في مناطق شمالي مالي والنيجر، خصوصاً مع تزايد المواجهات بين تنظيم “أنصار الإسلام” و”داعش” الصحراء من جهة، والقوات الفرنسية وقوات “مجموعة الخمسة” من جهة أخرى، في الفترة الأخيرة.

وإذا كانت النداءات الأخيرة التي وجّهتها قيادة الجيش للمسلحين الناشطين في صفوف الجماعات لتسليم أنفسهم لها، مقابل الاستفادة من قانون المصالحة الوطنية، شكّلت نجاحاً للجيش الجزائري في قطع تموين المجموعات المسلحة في شمال مالي عبر المهربين وشبكات تهريب المواد الغذائية والتموينية والوقود، فإنّ محلّلين أعادوا توالي عمليات الاستسلام ونجاح الجيش في استدراج 25 إرهابياً وتحييدهم عن العمل المسلح، إلى إمساك جهة وحيدة في السلطة في الجزائر بجهاز الاستخبارات، منذ منتصف عام 2016، بعد إعادة هيكلة الجهاز، وبعد عقود عمل فيها الجهاز الأمني من دون العودة إلى السلطة السياسية والعسكرية في الملفات الأمنية، وملف مكافحة الإرهاب.

ولعل من اللافت تحوّل السياسة الإعلامية للجيش بشأن الإخبار المستمر عن توالي استسلام “الإرهابيين” في الجنوب، فإن قراءات تقود إلى الاعتقاد بأنّ الجيش يستهدف أيضاً الجانب الردعي، لإظهار قدرته الفعلية على تأمين ممرات آمنة للراغبين في تسليم أنفسهم من جهة، وتحكّمه في منطقة الجنوب والحدود، من جهة أخرى، وكذلك لمنع أي محاولات للمجموعات المسلحة لتنفيذ اعتداءات ضد أهداف داخل الحدود الجزائرية، خصوصاً بعد التهديدات الأخيرة التي أطلقها تنظيم “أنصار الإسلام” باستهداف الشركات الأجنبية العاملة في منطقة الساحل وشمال إفريقيا.