يتزايد طلب الجزائريين خلال العطلة الصيفية، على كراء الشقق المجهزة عبر مختلف الولايات الساحلية، مقابل عرض تحكمه معايير يفرضها المؤجر لا المستأجر، فبينما يتم وضع شروط صارمة لتأجير الشقق، يجدها أغلب المستأجرين بشقق برتبة مرائب.
ثقافة كراء المنازل تنتشر بشكل واسع منذ سنوات بمختلف الولايات الساحلية، بعد أن باتت ملاذ الكثيرين، هروبا من ارتفاع الأسعار على مستوى الفنادق. فقد أصبحت أغلب الأسر الجزائرية تلجأ لاستئجار منازل جاهزة من أجل قضاء عطلتها الصيفية عبر مختلف الولايات الساحلية، غير أن المستأجر كثيرا ما لا يجد ما يبحث عنه، في ظل عدم اكتساب ثقافة الكراء الحقيقية، وجهل طريقة التعامل، مع فرض قانون خاص يلغي المقولة الشهيرة “الزبون هو الملك”.
أجهزة معطلة وأواني يأكلها الصدأ
يشكو الكثير من مستأجري البيوت خلال العطل الصيفية عبر مختلف الولايات الساحلية، من الوضعية الكارثية لأغلب المنازل، حيث تؤكد المعطيات أن أصحابها لا يهتمون لتهيئتها تحضيرا لموسم الاصطياف، واستضافة عائلات في أماكن غير لائقة، بل يعمدون إلى تجهيزها بالأثاث والأواني التي يستغنون عنها، وعوض رميها في المزبلة، فهي توضع في بيوت يؤجرونها لمصطافين قصدوهم من أجل الراحة، غير أن هؤلاء وإن لم يرقهم ذلك، فهم لا يحتجون، ويرضخون للأمر الواقع، محاولين التعايش مع الظروف السيئة في سبيل مياه البحر التي يفتقدونها في ولاياتهم، وإن كانوا يتجمعون في أشباه منازل لا تفرق فيها بين غرفة النوم وغرفة الجلوس وأحيانا أخرى حتى المطبخ، بينما قد لا تحتوي بعضها حتى على مرش، ما عدا حمام صغير صالح لكل الاستعمالات.
الأمثلة كثيرة لمواطنين اشتكوا بعد انقضاء عطلتهم من سوء الإقامة، وفي هذا السياق وصفت السيدة صبيحة لنا، ما وجدته بشقة استأجرتها مع أسرتها بولاية بجاية، حيث تقول بأنها كانت تفتقر لأدنى الشروط بما فيها الإنارة، ما عدا سلك كهربائي تم تمريره من عند الجيران، فضلا عن الحشرات التي تملأ المكان، والمياه المقطوعة، بينما قطعت هجيرة وزوجها وابنتها عطلتها ببجاية كذلك بسبب تجهيزات البيت القديمة، بداية بالفراش البالي والمتسخ، وشاشة التلفاز المعطلة، أما السخان فكان مخربا والثلاجة تعمل ساعة وتتوقف ساعات.
إعلانات موزعة و”العرسان الجدد” أفضل “صيد”
بحلول فصل الصيف تكون إعلانات كثيرة قد انتشرت في كل مكان على طول الشريط الساحلي الجزائري، غير أن الأبرز، هو العبارة الجديدة التي لجأ إليها الكثير من أصحاب المنازل المعروضة للكراء صيفا، «شقق فخمة»، مصطلح جديد في قاموس سماسرة العقار غير الشرعي خاصة هذا العام يطلقونه على المنزل الذي يتوفر على كل شروط الراحة، بما فيها أفرشة نظيفة، أواني جديدة، مع مكيف وشاشة تلفاز “بلازما” ومكيف غير معطل، من المعايير التي تضمن إقامة مريحة في هذه الشقق التي يفرض أصحابها مبالغ جد مرتفعة لتأجيرها.
من جانب آخر، برزت تجارة تأجير المنازل للعرسان الجدد، حيث يحاول كل مستأجر اصطيادهم، هروبا من العائلات كثيرة الأفراد، كما أن العرسان الجدد يحترمون شروط النظافة ولا يخربون المنازل، حيث يستفسر المستأجر من كل من يتصل به إن كان عريسا جديدا أم لا، مثلما أكد لنا فوزي الذي أمضى مدة 5 أيام بجيجل، حيث سأله صاحب البيت عن وضعيته الاجتماعية، واستقبله بطريقة خاصة، كما قال، مؤكدا بأنه يمتلك منزلا كبيرا، خصص فيه شقتين للعرسان الجدد، وشقتين للعائلات كثيرة الأفراد.
.. وشكاوى من السرقات والتخريب
من جهتهم، حمّل أصحاب الشقق والمنازل المعروضة المصطافين مسؤولية تدهور وضعية المنازل المؤجرة، حيث قال السيد فوزي بأنه وبعد تجارب عدة مع عائلات خربت منزله وكسرت الأواني
والحنفيات، قرر عدم الحرص على أن يكون التجهيز جيدا، معتمدا على توفير أبسط وسائل الراحة وإن كانت قديمة.
ويقول محفوظ الذي يملك 4 شقق للإيجار وسط مدينة جيجل، بأنه سئم من دخول منزله بعد مغادرة كل عائلة ومشاهدته في وضع كارثي، فحتى التنظيف لا يقومون به قبل تسليم المفاتيح، مؤكدا بأنه تعرض للسرقة، كما أن بعض العائلات كانت تخرج فراش بيته معها إلى البحر، دون الاستئذان منه وتتركه متسخا بعد رحيلها، خاصة بالنسبة للعائلات متعددة الأفراد والذي قال بأنها تخلف فوضى وتخريبا في المكان في أغلب الأحيان.
كما تحدث بعض الملاك عن سلوك يقوم به أغلب المصطافين، حيث يتم كراء البيت لعائلة مثلا مكونة من 5 أفراد، غير أنه وبمجرد وصولها، يتبين أنهم يستقبلون الضيوف والأقارب لمشاركتهم الاصطياف، على حساب أهل المنزل، والذي يتأثر لا محالة بسبب العدد الكبير، وقد لا يستوعبه أصلا.
منازل راقية مقابل مبالغ باهضة
تحكم اليوم أسعار الكراء السوق بأكمله، فارضة مبالغ ضخمة على البيوت الفاخرة، ما زاد من أعداد الشقق دون المستوى المطلوب، والتي غالبا ما تتوجه إليها العائلات لأسعارها المعقولة التي تتراوح بين 2500 و4 آلاف دينار لليلة الواحدة على الأكثر، بينما يتم كراء الشقق الفاخرة والمتواجدة بالقرب من الشاطئ، بمبالغ قد تكون خيالية، مثلما رصدناه ببعض الشقق بسكيكدة وبومرداس مثل إقامة الصخرة السوداء، التي يعرض أحدهم شقته بها للكراء بمبلغ 8 آلاف دينار لليلة الواحدة، مع خصم لمن تتجاوز مدة إقامته 10 أيام.
الأنترنت.. فضاء للإشهار وللتحايل أيضا
تعد الأنترنت اليوم الوسيلة الأولى التي يعتمدها الطرفان للحصول على العرض المطلوب، خاصة مع إنشاء صفحات خاصة على فايسبوك ومواقع التسوق كـ “واد كنيس” مثلا، والتي تحرص على إنزال الاعلانات بكافة تفاصيلها، وكذا الرد على استفسارات الراغبين في الكراء.
وبالرغم من أن هذه الوسيلة سهلت التواصل والحجز عبر الهاتف حتى قبل الوصول إلى عين المكان، إلا أنها تستغل من طرف البعض في التحايل، عبر نشر صور لمنازل ليست حقيقية، مما قد يكون سببا في وقوع خلاف بين الطرفين عند الوصول إليها، مثلما حدث مع السيد عبد الرحيم الذي قال بأنه شاهد على الأنترنت شقة فخمة بثمن معقول، غير أنه وجد شقة أخرى في انتظاره، وأكد بأن المالك أخبره بأنه استعان بصورة فقط وبأنه أخبره بذلك رغم إنكاره هو الأمر، معتبرا السلوك لاأخلاقيا وهو تلاعب لا يجوز.
ق.م