انتقل إلى رحمة الله، فجر الأربعاء، الفنان الكبير بلاوي الهواري، الذي يعد أحد قامات الطرب الجزائري عن عمر ناهز 91 عاما إثر وعكة صحية. وولد بلاوي الهواري يوم 23 جانفي 1926 بوهران، ويعتبر من مجدّدي
الموسيقى الجزائرية في الستينات، يعرف طبعه بالعصري أو “الوهراني العصري”.
وعُرف الفقيد بإنسانيته وحسه الفني العالي، ولم يتوان عميد الأغنية الجزائرية والوهرانية بلاوي الهواري عن إعطاء الكثير للساحة الفنية، ويعد رمزا للتراث الموسيقي الجزائري، كما أنه حظي، مؤخرا، بتكريم بوسام الاستحقاق الوطني من طرف رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة رفقة مجموعة من الفنانين والمثقفين.
وعلى إثر هذه الفاجعة، قال مدير الثقافة لولاية وهران قويدر بوزيان إن الراحل بلاوي الهواري كان أيقونة عربية ودولية، وكان من المجددين والمنظرين للموسيقى الجزائرية.
وأضاف الأستاذ بوزيان أن المرحوم كان ذا صدر رحب وصاحب تجديد وتكوين ويشهد له الجميع بتفانيه، وقد تقلد عدة مناصب خدمة للفن الجزائري وللأغنية الجزائرية والوهرانية خاصة وقد قدم ما لديه حتى آخر لحظات من عمره.
وكشف المتحدث عن العمل المعنون بـ “زبانة” الذي كان في صدد إنجازه من تأليف وزير الثقافة عز الدين ميهوبي قائلا إن المرحوم كان شحنة من العطاء الفني، فقد كان قمة وقامة كبيرة للأغنية الدولية والعربية والجزائرية.
وأجمع فنانون على أن رحيل بلاوي الهواري أيقونة الأغنية الوهرانية يعد “خسارة كبيرة” للساحة الفنية الوطنية.
وقال الفنان هواري بن شنات في تصريح لوأج “بفقدان الراحل بلاوي الهواري تفقد الساحة الفنية الوطنية مرجع ومؤسس الأغنية الوهرانية العصرية”.
وأشار إلى أن الفقيد “كان له دور كبير في بروز وجوه فنية لامعة في مجال الأغنية الوهرانية والأغنية العصرية على حد سواء، حيث بالإضافة إلى أدائه أغاني ذاع صيتها وطنيا ودوليا، ساهم من خلال التلحين في رواج أغاني لنجوم الأغنية العصرية.
من جانبه، أعرب المغني بارودي بن خدة عن عميق حزنه لرحيل بلاوي الهواري، وقال “جيلنا الموسيقي لا سيما فنانو الأغنية الوهرانية يرتبط مشوارهم بهذا الاسم الكبير الذي قدم الكثير للفن الجزائري”.
وأبرز أن الفنان الراحل لم يدخر أي جهد ولم يمنعه حتى المرض من مواصلة العطاء الفني، مشيرا إلى حضوره في مختلف المناسبات وأنه “كان يشكل الكثير من الرمزية وحافزا كبيرا للفنانين”.
كما عبر الكثير من الفنانين والفنانات لا سيما من كان لبلاوي الهواري الفضل في صقل مواهبهم وانجاح أغانيهم على غرار سامية بن نابي وهواري صابر ومعطي الحاج عن تأثرهم بوفاة عميد الأغنية الوهرانية، مبرزين العطاء الكبير الذي قدمه بلاوي للفن الجزائري.
ويعتبر بلاوي الهواري المولود في 23 جانفي 1926 بحي المدينة الجديدة بوهران من صانعي الأغنية الملحمية التي كانت سلاحا فنيا، إلى جانب العمل الثوري ضد المستعمر الغاشم، حيث كان من بين مؤسسي أوركسترا موسيقية في سنوات الأربعينيات، كما يرجع له الفضل في تأسيس الأغنية العصرية من رحم الأغنية البدوية التي احتك الراحل بالعديد من روادها وشعرائها.
ويزخر مشواره الفني بأزيد من 500 أغنية والتي ألهمت العديد من نجوم الأغنية الوهرانية والرايوية خلال سنوات الثمانينيات على غرار الشباب خالد الذي أعاد أداء البعض منها. وقد استفاد خالد إلى جانب فنانين آخرين من تلحين بلاوي الهواري في انجاز أغاني حظيت بالشهرة والرواج العالمي.
ومن أشهر أغاني بلاوي الهواري “بيا داق المور” و”راني محير” التي أداها سنة 1955 و”المرسم” و”يا فارس” وأغنية “زبانة” التي أهداها لروح الشهيد البطل أحمد زبانة.
ووري الفنان الراحل الثرى بعد ظهيرة الأمس بمقبرة عين البيضاء بوهران في جو جنائزي مهيب.