-التحلي بالسلوكيات الحضارية تجاه الطبيعة
اختلفت وجهات العائلات لقضاء عطلة الربيع، فالكل يبحث عن جو مريح وممتع للاستراحة من عناء العمل والدراسة، ولتجديد النشاط وبعث طاقة جديدة لمواصلة المشوار الدراسي. المقصد الأول لهؤلاء يكون في الغالب الريف.. حيث الهواء العليل والحقول الخضراء للتخلص من التوتر وقضاء أوقات ممتعة رفقة العائلة، لاسيما أن أغلب من يتوجه إلى الأرياف يكون هدفهم زيارة الأقارب المقيمين هناك، كما تعرف الغابات المنتشرة عبر مناطق مختلفة من العاصمة إقبالا واسعا للعائلات، على غرار غابتي بوشاوي وباينام، بحثا عن الأجواء الطبيعية المريحة والممتعة في آن واحد.
الربيع مناسبة لزيارة الصحراء
بعدما كان أطفال الجنوب يقصدون الشمال قصد الاستجمام والتمتع بالمناخ المتوسطي، جعل سكان الشمال من الصحراء وجهة جديدة، فالجنوب لا يزال مكانا مجهولا وغامضا بالنسبة للكثير من أبناء المناطق الشمالية، الذين لا يعرفونه إلا من خلال الروبرتاجات التلفزيونية أوفي صفحات كتب الجغرافيا.. هذه الصحراء التي تستقطب سنويا آلاف السياح من مختلف مناطق العالم، باتت تستهوي الكثير من العائلات التي أرادت قضاء أيام ممتعة بين واحات بسكرة، وحمامات زلفانة، كما أرادها البعض عطلة استجمام وتسوق في وادي ميزاب.
ولدور الشباب برامجها الخاصة
برمجت الكثير من المدارس مسبقا جدولا خاصا بالعطلة الربيعية، ووضعت قائمة للأسماء المشاركة والمناطق المقصودة، لاسيما أن الجو الربيعي يتيح لهم التوجه لأماكن عديدة، على غرار الغابات والحدائق، وكذا المسارح التي تعرف تنظيم العديد من العروض المسرحية والبهلوانية للأطفال في هذا الوقت بالذات من السنة أين يزيد الإقبال عليها.
دار الشباب ببلدية عين النعجة، كشفت لنا عن جملة من النشاطات المبرمجة خلال هذه العطلة، والتي كانت في مقدمتها زيارة المساحات الخضراء، على غرار حديقة التجارب الحامة، وكذا غابة باينام.
الطب النفسي: “على الأولياء منح فرصة لأبنائهم”
اعتبرت الدكتورة نسيمة ميغري، المختصة في علم النفس، عطلة الربيع خير فرصة تمنح للتلميذ لاستدراك ما فاته، معتبرة النزهة والخروج في عطلة تساعدان الطفل الذي فشل في تحقيق رغبة أوليائهم في نيل معدل جيد على استرجاع ثقته بنفسه، مضيفة أن على الأولياء خلال قضائهم للعطلة رفقة أبنائهم تذكيرهم أن هذه الإجازة ما هي إلا وقت مقتطع لشحن الهمم ولمواصلة الكد لاستدراك النقائص.
أما بالنسبة للطلبة المتفوقين، فتؤكد الدكتورة نسيمة أن السماح لهم بقضاء عطلة ممتعة، خاصة إذا استجاب الأهل لرغبة الأبناء في اختيار المكان والرفقة في الإجازة. ومن جهة أخرى تدعو نفس المتحدثة طلبة البكالوريا لأخذ قسط من الراحة خلال هذه العطلة على ألا يؤثر ذلك على برنامج المراجعة الذي وضعوه لأنفسهم.
التحلي بالسلوكيات الحضارية تجاه الطبيعة
ارتأت جمعية “سلوك حضري” المختصة في حماية البيئة تنظيم تظاهرة “ربيع نظيف” التي تتمثل في حملة تحسيسية لتوعية المواطنين بأهمية ترك الأماكن نظيفة بعد مغادرتها.
في هذا الخصوص، أشار عبد المنعم مرسالي، عضو بالجمعية إلى أن تكوينها جاء من منطلق الظاهرة التي تشهدها محيطاتنا ومساحاتنا الخضراء خلال توافد عدد غفير من المواطنين عليها خلال أيام العطل أو نهايات الأسبوع، حيث تترك في فوضى حقيقية تهدد سلامة البيئة التي نعيش فيها، وأوضح أنّ الجمعية الناشطة منذ سنة تنتظر اعتمادها لتعزيز أنشطتها الميدانية أكثر بالتنسيق مع الجمعيات الفاعلة والناشطة في مجال حماية البيئة والمحيط.
وقال مرسالي، إنّ السلوكات غير الحضرية التي يمارسها العديد من المواطنين اليوم في مختلف الفضاءات الخضراء، الحدائق وحتى في بعض المعالم الأثرية والمساحات المخصصة للترفيه أصبحت أمرا غير مقبول، لاسيما في سلوكيات نابعة من مجتمع مسلم لابد أن تميزه النظافة والإيمان بأن الوسخ من الشيطان. وأشار المتحدث إلى أن هذه الظاهرة يمكن ملاحظتها على أبعد المستويات، سواء برمي النفايات في الأرض أو حتى الإساءة لبعض الكائنات الحية الموجودة هناك كالنباتات والأشجار، وكذلك السلوكيات التي يقوم البعض فيها بالكتابة أو الخربشة على الصخور والجدران التي قد تكون معالم تاريخية أثرية، والمساس بها يهدد موروثا ثقافيا لا يمكن إصلاحه.
وأضاف المتحدّث أنّ هذه الظاهرة تعرف ذروتها خلال فصلي الربيع والصيف وهما الموسمان اللذان تعرف تلك الأماكن والفضاءات الترفيهية ومساحات الاستجمام فيهما حركة مغايرة للمواسم الأخرى، حيث يستغل الأفراد الأجواء الممتعة للجو للخروج رفقة العائلة أو الأصدقاء في جولة ممتعة تمدهم الطبيعة بجمالها، إلا أنّه بدل رد الجميل تجازى برمي النفايات فيها وتهديد سلامتها ونظافتها وبالتالي تهديد الحياة فيها.
وأوضح مرسالي، أن الحملة التحسيسية التي انطلقت عبر الفايسبوك ومختلف مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالجمعية، ستمتد إلى الخروج إلى مختلف الساحات العمومية القريبة من الحدائق والمساحات الكبيرة للتقرب من المواطنين وحثهم على ضرورة التحلي بالمسؤولية تجاه المحيط والبيئة التي نعيش فيها، وتوضيح مدى التهديد المحدق بالحياة في حالة تلوث البيئة وعدم تبني سلوكيات رشيدة، فيما يتعلق بالدفاع عن سلامة الهواء والمحيط الذي نعيش وسطه.
وأضاف محدثنا قائلا إن الثقافة البيئية أصبحت اليوم أكثر انتشارا مما كانت عليه قبل سنوات، إلا أن ذلك غير كاف، فاليوم ولخطورة وتأزم الوضعية المرتبطة بالبيئة لا يمكن الحديث فقط عن نسبية أو أقلية، فلابد أن يكون الجميع على وعي وإدراك كامل وشامل بخطورة الوضعية التي أصبحت مشكلا عالميا وليس فقط محليا، يجعل من الحياة شبه مستحيلة على كوكب الأرض.
وأشار المتحدث إلى أن هذه الظاهرة باتت اليوم تمس حتى أكثر المناطق عزلة وبعدا عن المجتمع على غرار صحرائنا الكبرى، حيث قال “تشهد مواقعنا السياحية ذات الامتياز العالمي في الصحراء نفس المشكل، حيث ندد كثيرا سكان مناطق الجنوب بهذه الظاهرة التي وصفوها بـ”غير الإنسانية” وتعدّ على الطبيعة، لاسيما وأنها بعيدة كل البعد عن المركبات الصناعية المعروفة بتلويث المحيط والهواء، لكن كل تلك الأزمة خلقها بعض السياح الذين جابوا تلك المنطقة لأيام لا تتعدى عادة نهاية الأسبوع أو أسبوع واحد، لكن المشكل أكبر من ذلك حيث يصعب بعد ذلك تنظيفها وحمل النفايات منها بفعل الحركة المستمرة للكثبان الرملية التي قد تغطي لفترة تلك النفايات.
وفي الأخير، دعا المتحدّث إلى ضرورة التحلي بسلوك بسيط وفعّال، وهو حمل النفايات وبقايا الاستهلاك الفردي ووضعها داخل أكياس بلاستيكية وحملها في الحقيبة إلى حين إيجاد مكان مخصّص لها ورميها هناك، وبذلك يصبح للفرد فطرة عدم رمي أكواب القهوة أو علب العصائر أو غيرها من النفايات، فالأكل في تلك الأماكن ممتع حقيقة لنقاوة الهواء هناك، فلا يمكن منع ذلك، لكن الأمر غير المقبول هو ترك البقايا في تلك الأماكن التي تعد ملكا الجميع وللكل أحقية زيارتها مرة أخرى لتكون في أبهى طلة لها، نظيفة من كل تلك الشوائب التي تشوه مظهرها الخارجي وجمالها الطبيعي.
ل.ب