قال الأستاذ الجامعي، الدكتور حسن دواس، “إن ظاهرة التعدد اللغوي في الجزائر لا تخص اللغتين العربية والفرنسية فحسب، وإنما تشمل كذلك الأمازيغية، بعد أن برزت في الآونة الأخيرة كتابات أدبية جديدة باللغة الأمازيغية، تزامنا مع تدريسها وجعلها لغة وطنية رسمية”.
وأضاف دواس حول المقارنة بين العربية والفرنسية أنه “بعد التعريب واستحداث أقسام اللغة العربية في كل جامعة ووجه إليها العديد من الطلاب، صار القارئ الجزائري متقنا ومتحكما في لغته العربية وصار يقرأ ويكتب ويتحدث بها وتراجعت اللغة الفرنسية بعد أن كانت إلى غاية سنوات الثمانينيات تنافس اللغة العربية في مجال الكتابة الأدبية”.
وأكد المتحدث قائلا: “طبعا ما زال للفرانكفونية ميراثها ونحن نتعامل دوما مع اللغة الفرنسية ونكتب ونقرأ بها وننظر إليها على أنها “غنيمة حرب” ووسيلة للإنفتاح على الثقافات العالمية، غير أن من الملاحظ أن الثقافة الجزائرية بدأت تميل شيئا فشيئا نحو اللغة الإنجليزية، حتى أن هناك بعض الأسماء التي تكتب أدبا جزائريا بالإنجليزية على غرار أحمد بو قرش وصليحة نعيجة التي تكتب شعرا وتترجمه إلى الإنجليزية، حيث أصدرت مؤخرا كتابا بالإنجليزية تحت عنوان “أنطولوجيا الشعر الجزائري”، الذي ترجمت فيه مقتطفات من الشعر الجزائري إلى هذه اللغة”.
وأردف قائلا: “أنا شخصيا أكتب بالإنجليزية أيضا وأترجم منها وإليها، وصدر لي ديوان شعر بالإنجليزية بعنوان “أحلام ظمأى”، كما ترجمت إلى الانجليزية ديوان شعر للشاعر “يوسف وغليسي” عنوانه “تباريح اللون الأخضر” وديوان آخر للشاعر عبد الله حمادي بعنوان “يا امرأة من ورق التوت”، ومجمل هذه الأعمال صدر داخل الجزائر ومن دور نشر جزائرية”.
وعن المقارنة بين الرواية والشعر وأكثر النوعين رواجا بالجزائر، ردّ دواس “أن في الوقت الحالي توجد هيمنة للرواية ومنذ حوالي العقد، هناك مقارنة بين الرواية وبقية أنواع الفنون الأخرى، والرواية هى التي تتصدر بحق المشهد الأدبي الجزائري حتى أننا نلاحظ تكرر ظاهرة تحول الشعراء إلى كتابة الرواية، حيث نجد على سبيل المثال “عيسى لحيلح” الذي كتب رواية “كراف الخطايا”، -وكراف تعني مطهر أو مزيل – وأيضا وزير الثقافة الحالي عز الدين ميهوبي الذي انتقل من الشعر إلى الرواية، ولكن في السنوات الأخيرة بدأ يتشكل اهتمام وتوجه نحو القصة القصيرة بالجزائر.
وحول ملامح أدب الجيل الجديد من الكتاب الشباب المعرّبين في الجزائر، وسبب عدم اشتهارهم في الوطن العربي رغم بلاغتهم وجمال إبداعهم، رد الناقد قائلا: “إن الساحة الأدبية الجزائرية كللت فعلا بالعديد من الكتاب الشباب، غير أن كتاباتهم لم تحظ بالاهتمام النقدي المرجو، الذي من شأنه إبراز ملامح هذا الجيل ورموزه، وأما بالنسبة للشعر فيوجد على مستواه تطور ملحوظ تجلت دلائله في حصد شعراء جزائريين لجوائز عربية عديدة، وهؤلاء الشعراء الشبان قد قدموا جديدا على صعيد شكل القصيدة”.
وأضاف دواس قائلا:”أعتقد أن المشكلة في عدم اشتهار الجيل الحالي بنفس فرص الجيل القادم تكمن في غياب النقد الأدبي، فالشاعر أو القاص أو الروائي رغم انتشاره على شبكة الأنترنت وإصدارهم العديد من الأعمال الأدبية، لكن إذا افتقد مصباح النقد الذي يضيئ أعماله، لكن إذا ما توفر النقد الأدبي وتم حل مشكلة تصدير الكتب الأدبية إلى الخارج وترجمة أعمال هذا الجيل إلى اللغات الأجنبية الأخرى وبالأخص إلى الإنجليزية، سيكون لدينا العديد من الأسماء الكبرى”.