بعد خمسين عاماً على إطلاقها، باتت أغنية “تحيا فلسطين”، لفرقة كوفية السويدية لمؤسسها الفلسطيني السويدي جورج توتري، رائجة بشكل غير مسبوق، بالتزامن مع حرب الإبادة الصهيونية المتواصلة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي. هكذا باتت الأغنية رمزاً تضامنياً في غالبية المسيرات والتظاهرات المناوئة للعدوان الإسرائيلي على غزة والمؤيدة للقضية الفلسطينية.
لأغنية “تحيا فلسطين”، وغيرها من أغنيات “كوفيّة”، كما للفرقة نفسها، حكايات عدّة، يسرد بعضها مؤسسها ومؤلف الأغنية وملحنها الفنان الفلسطيني جورج توتري قائلاً: “لا أعرف كيف تحوّلت إلى الأغنية التي ترافق مسيرات التضامن مع فلسطين في كل العالم هذه الأيام، لكن أعتقد أن كلماتها، وما تحمله من معانٍ، إضافة إلى الصدق في أدائها بصوت المغنية السويدية كارينا أولسن، ولحنها المحبّب، عوامل تقف وراء ذلك”. يضيف: “أحد أصدقائي أخبرني قبل عشر سنوات بأنه يكفيني أن تكون هذه الأغنية في رصيدي، وأنه لو كانت هي ما أنجزته فقط فهذا يكفي”. يشير توتري إلى أن الأغنية جاءت لتلخص حكاية فلسطين ونضالاتها، وتعبّر عن المقاومة.
وكانت كارين أولسن قد أشارت في فيلم وثائقي حول الفرقة، أنتج في عام 2019، إلى أنها كانت ترافق صديقاً لها من مؤسسي “كوفية” في حفل لهم بالدانمارك، فتحمّست، وقفزت إلى المسرح، وبدأت تشاركهم الغناء بالسويدية، ما معناه: “سنتابع النضال، وسنرجع إلى أراضينا”، لافتة إلى أن أغنية “تحيا فلسطين” (Leve Palestina)، خرجت في أسطوانة الفرقة المعنونة بـ “أرض بلدي” عام 1976، مؤكدة أنها كانت دارجة كأغنية المظاهرات في السويد.
في السويد، أسّس توتري فرقة “كوفية” الموسيقية عام 1972، رغم أن صديقه الذي استقبله وشجعه على الاستقرار في بلاده كان يمينياً، ومسؤولاً عن نادٍ محافظ من التيار اليميني في جامعته، وكانوا يؤيدون إسرائيل، كما كان اليسار، باعتبار أن فلسطين كانت صحراء ولا وجود لشعب فيها. هذا الاعتقاد كان سائداً حتى في الأغنيات لدى السويديّين، ولم “نقم نحن بدورنا في التصدي لهذه الصورة السلبية عنّا”. وكان تشكيل الفرقة لتحقيق هذا الهدف، باعتبار أن السياسة ذات تأثير زائل عكس الثقافة.
هكذا بدأ يكتب أغنيات حول فلسطين وقضيتها ونضالات شعبها وربطها بالنضالات الأممية ضد الاستعمار باللغة السويدية، وهو ما قوبل باستهجان فلسطيني وعربي أحياناً، لارتباط الأغنية الفلسطينية في أذهان الجمهور بصورة نمطية ذات بعد تراثي، “بينما كنتُ أكتب للسويديّين لتعريفهم بفلسطين وعدالة قضيتها”، كما أنني “لم أغنّ لأجعل السويديّين يرقصون، أو لأجني الأموال”، يوضح توتري.
وبدأت الفرقة تكسب شهرة مع تنامي اليسار في السويد، ومعه تنامى الحراك لدعم القضية الفلسطينية. هكذا أنتجت “كوفية” أربع أسطوانات، أولاها في عام 1967 والأخيرة عام 1988، رغم تضييقات السلطات السويدية الرسمية على مناصري القضية الفلسطينية.
ق-ث