بهدف تحديد مختلف العوامل المؤدية إلى هذا السلوك

تحقيق وطني حول العنف ضد المرأة هذه السنة

تحقيق وطني حول العنف ضد المرأة هذه السنة

أكد المدير العام للمعهد الوطني للصحة العمومية، البروفيسور عبد الرزاق بوعمرة، أن المعهد سيشرع خلال هذه السنة في إجراء تحقيق وطني حول العنف ضد المرأة من أجل تحديد مختلف العوامل المؤدية إلى هذا السلوك.

وصرح السيد بوعمرة على هامش يوم تحسيسي حول “دور الوقاية في مكافحة العنف ضد المرأة”، أن المعهد الوطني للصحة العمومية “سيبادر خلال السنة الجارية بإجراء تحقيق وطني يعد الثاني من نوعه، بعد ذلك الذي تم في سنة 2003، وذلك من أجل تحديد العوامل المؤدية إلى هذا النوع من السلوك واتخاذ الإجراءات المناسبة لمكافحة هذه الظاهرة”.

وتابع يقول إننا “لم نقم بتحقيق حول هذه الظاهرة منذ 20 سنة، مما يؤكد أهمية إجراء تحقيق جديد للتحكم فيها”.

كما أكد السيد بوعمرة، على ضرورة إشراك القطاعات المعنية بهذا الموضوع، على غرار الدرك الوطني والأمن الوطني والفاعلين في المجتمع المدني.

 

حالات العنف متزايدة

من جانبه، أكد رئيس مصلحة الطب الشرعي بالمركز الاستشفائي الجامعي مصطفى باشا، رشيد بلحاج، أن حالات العنف ضد المرأة سجلت ارتفاعا على المستوى العالمي، مشيرا إلى وجود أشكال جديدة من العنف على غرار “العنف الرقمي” أو “إدمان المخدرات” وهي عوامل أدت -كما قال- إلى “ارتفاع معتبر للعنف ضد المرأة وفئات هشة أخرى”.

القانون الجزائري يحمي المرأة

وخصص التعديل الدستوري الأخير المادة (40) لإدانة العنف ضد المرأة وإلزام الدولة بحمايتها في كل الظروف والأمكنة، إذ أنه للمرة الأولى في تاريخ الدساتير العربية والإسلامية يتضمن الدستور الجزائري مادة صريحة تلتزم الدولة بموجبها بحماية النساء المعنفات عن طريق التشريعات والإجراءات الرادعة.

من جانبه، يشدد المجلس الجزائري لحقوق الإنسان على أن “مهمة حماية المرأة لا تقتصر على جهة معينة، بل لابد من تضافر جهود كل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني بهدف التأسيس لمنظومة تشريعية قوية تحد من الظاهرة وتجعل من الجزائر مثالاً في هذا المجال”، ومبرزاً أن “هذا المسعى يتأتى قبل كل شيء عبر محاربة الأفكار والتقاليد البالية التي تجيز الاعتداء على المرأة، وكذا تغيير أنماط التفكير التمييزية تجاهها”.

 

الواقع بعيد عن الأرقام

تعد جرائم قتل النساء المرحلة الأخيرة من العنف المنزلي والزوجي بعد تسجيل عدة حالات، إذ تستوقفنا هنا الجريمة المروعة التي هزت ولاية عنابة قبل عام من الآن، عندما أقدم رجل على قتل زوجته ذات الـ 40 عاما وأبنائه الثلاثة، أكبرهم 15 عاما وتوأم عمره 12 عاما، قبل أن يُقدم على محاولة الانتحار برمي نفسه من الطابق الثالث للعمارة التي يسكن فيها، ثم يعترف بفعلته دون أن يدلي بالأسباب التي دفعت به إلى ارتكابها.

وفي غضون ذلك، تواصل جمعيات الدفاع عن حقوق المرأة إحصاء أرقام جرائم قتل ضد المرأة، ومحاولة مساعدة ضحايا العنف نفسيا وجسديا، حيث تسجل الجزائر ما بين 7 إلى 8 آلاف حالة عنف ضد المرأة سنويا، حسب رئيسة جمعية “نساء في شدة”، مريم يعلى، وهي أرقام لا تعكس الحجم الحقيقي لما تعانيه الكثير من الجزائريات، بسبب العنف الأسري، لأنها محصورة في الشكاوى التي تقدمها الضحايا اللواتي يفتقدن للدعم، وخوفا من الزوج الذي قد يلجأ إلى استعمال وسائل أعنف.

وتابعت رئيسة جمعية “نساء في شدة”: “تختلف طبيعة العنف من حالة لأخرى، فالبعض يلجأ إلى تعنيف المرأة عن طريق الألفاظ والمصطلحات غير اللائقة والتي تؤثر بشكل مباشر عليها، كما أن هناك من لا يجد أي حرج في استعمال العنف الجسدي ضدها والذي يصل أحيانا حد القتل”.

كما أوضحت “أن الكثير من النساء يسحبن الشكوى ولا يذهبن إلى حد متابعة الشخص المعتدي في العدالة، خوفا من نظرة المجتمع ولحماية عائلاتهن وأطفالهن”.

ويتصدر العنف الزوجي، حسب جمعية “نساء في شدة”، قائمة الجرائم المرتكبة ضد المرأة، حيث أكدت يعلى أن أغلب المعتدين على أزواجهم يتعاطون المهلوسات، أو الكحول، أو يعانون أمراضا نفسية، كما أشارت إلى أن النساء والفتيات يواجهن أيضا العنف الرقمي، من ابتزاز وتشهير إلى التحرش الجنسي.

 

ما الذي يحدث للمعنفات؟

تمر المعنفات اللائي تعرضن لاعتداء جسدي أو جنسي أو حتى عنف نفسي، بالعديد من المشاعر، مثل الخوف أو الارتباك أو الغضب أو الشعور بالخدر وعدم الإحساس بأي شيء.. كما تمر بهن حالات شعور بالذنب بسبب التعرض للاعتداء وذلك من خلال بذل مجهود مضاعف لإخفاء الآثار والكدمات أو محاولات خلق الأعذار لمعنفيهم.

 

ما هي تأثيرات العنف ضد المرأة على المدى الطويل؟

تختلف التأثيرات النفسية لدى النساء اللائي تعرضن للعنف، فيمكن أن يصبن بـ:

اضطراب ما بعد الصدمة: يمكن أن يحدث هذا نتيجة التعرض لصدمة أو تجربة مروعة مثل الاعتداء الجنسي أو الإيذاء البدني.

ما يمر به الشخص الذي يعاني من اضطراب كرب ما بعد الصدمة أنه يشعر بالاندهاش بسهولة أو بالتوتر الشديد من أبسط الأشياء وكأنه على حافة الهاوية، ويواجه صعوبة في النوم، ونوبات غضب شديدة مفاجئة.

قد يواجه أيضًا مشكلة في تذكر الأشياء أو يكون لديه أفكار سلبية عن نفسه أو عن الآخرين. وبالطبع هذه الحالات تتطلب وجود طبيب أو مختص نفسي حتى لا تتفاقم.

الاكتئاب: من أخطر التأثيرات السلبية التي يمكن أن تحدث للمعنفات، لكن يمكن التعامل معه في وجود شخص مختص في الصحة النفسية. والاكتئاب يجعل الشخص يفقد شعور الاستمتاع، ويمر بتغييرات كبيرة في الشهية..

القلق: قد يكون هذا قلقًا عامًا حول كل شيء، أو قد يكون هجومًا مفاجئًا من الخوف الشديد (نوبات هلع). يمكن أن يزداد القلق مع مرور الوقت ويتداخل مع الحياة اليومية.

الإدمان: تتورط الكثير من النساء اللائي تعرضن للعنف في مشكلة تعاطي المخدرات أو شرب الكحول أو التدخين أو الإفراط في تناول الطعام وكلها سلوكيات إدمانية. وقد أظهرت الأبحاث أن حوالي 90٪ من النساء المصابات بمشاكل تعاطي المخدرات قد تعرضن للعنف البدني أو الجنسي.

ل. ب