تحتوي على مواد كيميائية تشابه هرمون الأنوثة… الصابون ومستحضرات التجميل, والبلوغ المبكر لدى الفتيات

elmaouid

قد يبدو العنوان أقرب للدعابة أو المزحة، حيث لا توجد علاقة واضحة بين استخدام الصابون والبلوغ المبكر، خصوصاً وأن الصابون يتم استخدامه منذ عشرات السنين ولم تكن هناك تحذيرات معلنة من استخدامه لدى

الفتيات الصغيرات.

والحقيقة أن التعرض بكميات كبيرة لبعض المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة الصابون والشامبو وبعض مستحضرات العناية بالجسم الأخرى مثل طلاء الأظافر وأحمر الشفاه والعطور ومعجون الأسنان وغيرها، قد تلعب دوراً هاماً بالفعل في حدوث بلوغ مبكر للفتيات على وجه التحديد. ومن أهم هذه المواد مادة الفينول والباربين والفثالات وأيضاً مادة التريكلوسان، التي حظرت وكالة الغذاء والدواء استخدامها في صناعة الصابون عام 2017 في الولايات المتحدة.

 

كيميائيات الصابون

هذه النتيجة توصلت إليها دراسة أمريكية حديثة قام بها علماء من جامعة كاليفورنيا. وقد أشارت إلى أن هذه المواد الكيميائية تدخل إلى الجسم من خلال امتصاصها إما عن طريق الجلد كما في حالات مستحضرات التجميل والكريمات المختلفة، وإما عن طريق الفم مثل مستحضرات أحمر الشفاه وكذلك عن طريق الاستنشاق مثل العطور.

وبمجرد دخولها الجسم، يتم تكسيرها سريعا وإفرازها عن طريق البول.

وكلما كان التعرض لهذه المواد كبيراً، كلما زادت احتمالية البلوغ عند الفتيات بشكل مبكر، وهو الأمر الذي جعل العلماء يتساءلون عن سبب ذلك. وعند فحص هذه المواد في المختبرات تحت ظروف معينة، اتضح أن لها تأثير يشابهه هرمون الأستروجين (هرمون الأنوثة).

وقام العلماء بتحليل البيانات الخاصة بدراسة سابقة تم إجراؤها على النساء الحوامل بين عامي 1999 و2000، وتم أخذ عينات من الدم منهن مرتين خلال فترة الحمل، كما تم سؤال السيدات عن كمية التعرض لهذه المواد في حياتهن اليومية. وكانت النتيجة أن 9 بين كل 10 سيدات كانت عينات البول الخاصة بهم مؤكدة بالنسبة لاحتوائها على المواد الكيميائية الثلاثة التي تؤثر على الفتيات (الفينول والباربين والفثالات)، وأيضا كانت هناك نسبة بلغت 70 في المائة من السيدات احتوت عينات البول لهن على مادة (التريكلوسان) وهي مادة مضادة للميكروبات ما زالت تستخدم في صناعة بعض أنواع معاجين الأسنان على الرغم من منع استخدامها في صناعة الصابون. وقام الباحثون بتتبع 338 من المواليد بواقع 179 فتاة و159 صبياً لهؤلاء السيدات وأخذ عينات بول منهن في عمر التاسعة ثم تم أخذ عينات بانتظام حتى عمر 13 عاما لمعرفة وقت البلوغ لكل فتى وفتاة. ووجد الباحثون من خلال عينات الدم أن كل سيدة ظهرت لديها مضاعفة لنسبة مادة (الفثالات) عن المستوى العادي، ظهر شعر العانة لدى ابنتها في وقت مبكر بنحو 1.3 شهر عن بقية الفتيات الأخريات، وبالنسبة لمادة (التريكلوسان) كانت كل مضاعفة من النسبة تزامنت مع شهر مبكر لحدوث الدورة الشهرية للمرة الأولى لدى فتياتهن. وأيضاً تم أخذ عينات بول من الفتيات وتبين أن كل مضاعفة لنسبة مادة (الباربين) في جسم الفتاة تزامنت مع حدوث نمو للثديين وظهور شعر العانة بشهر مبكر عن بقية الأقران. وفي المقابل لم يتأثر الذكور بذلك، وهو ما يؤكد فرضية المواد الكيميائية التي تحتوي على الأستروجين.

 

محاذير صحية

أوضح الباحثون أن نتائج هذه الدراسة ليست دليلا قاطعا على أن هذه المواد الكيميائية بالضرورة تسبب البلوغ المبكر، ولكن بالطبع يجب أن توضع هذه النتائج في الحسبان، خاصة وأن هذه المواد معروفة بإمكانية أن تسبب خللا في مستويات الهرمونات الخاصة بالغدد الصماء من خلال كثير من الدراسات السابقة. وأشار الباحثون إلى أن مستوى تعرض الأمهات إلى المواد الكيميائية قد يكون تغيرا بشكل كبير أثناء الحمل بمعنى أن أخذ عينات البول مرتين فقط أثناء الحمل وكذلك الفتيات في الفترة العمرية بمعدل مرة كل عام قد يكون غير دقيق تماما، كما أن هذه المواد يتم إفرازها من الجسم بسرعة، ونسب وجودها بالدم تتغير ليس فقط على مدار السنوات أو الشهور ولكن يمكن أن تختلف خلال اليوم الواحد بجانب أن المبيدات الحشرية الموجودة في المزارع قد يكون لها أثر على النتيجة أيضاً.

نصحت الدراسة بضرورة أن تتم كتابة المكونات الكيميائية بشكل واضح على الغلاف الخاص بجميع المواد التي تستخدم في مستحضرات التجميل أو العناية بالبشرة والمنظفات وغيرها، كما نصحت بنشر الوعي الصحي بخطورة استخدام مواد معينة واستخدام مود صديقة للبيئة.

وأوضح الباحثون أن الحكومات يجب أن تلزم المصانع المصنعة لهذه المواد بضرورة مراعاة المعايير الصحية والابتعاد عن المواد الضارة بيئيا.

وحذر الباحثون أن البلوغ المبكر عند الفتيات يعرضهن لمشكلات نفسية كبيرة في وقت مبكر من حياتهن بمعنى عدم الاستعداد للتحول من الطفولة للأنوثة بشكل سريع، حيث يجب أن يحدث البلوغ بشكل متدرج ذهنيا ونفسيا، كما أن البلوغ المبكر يمكن أن يعرض الطفلة للحرج والتحرشات الجنسية والتي بالضرورة تؤثر بالسلب على اتزانها النفسي. ويجب أن تقوم الأم باستيعاب الطفلة في هذه المرحلة الحرجة من حياتها وبجانب العامل النفسي، فإن البلوغ المبكر يزيد من فرص الإصابة بالأورام في الثدي والرحم.