تجنبا للأعباء المنزلية  “الأعراس الجماعية في ورقلة”… ملاذ الشباب الراغبين في الزواج

elmaouid

أزيد من 500 عريس دخل القفص منذ بداية السنة

أصبحت الأعراس الجماعية التي تنظمها عديد الجمعيات الخيرية بورقلة لتسيير سنة الزواج ملاذا ”مفضلا ” لكثير من الشباب الراغبين في الزواج، تجنبا للأعباء المالية الثقيلة من جهة، وبحثا من جهة أخرى عن مستقبل عائلي يسوده التفاهم والاطمئنان النفسي.

وتكثر الأعراس الجماعية عادة بهذه المنطقة مع بداية كل موسم اجتماعي جديد، حيث تتاح فرص “ذهبية” أمام الشباب الراغبين في استكمال نصف دينهم، وقد باتت هذه العادة “الحميدة ” تحفز الشباب للإقبال على الزواج والتي يعتبرونها “حلا” لتيسير التبعات المادية ” الثقيلة” للزواج في وقتنا الحاضر،  مما أدى إلى عزوف  الكثيرين منهم عنه، كما يرى رئيس جمعية “أيادي الخير- حي القارة الشمالية ” بورقلة.

وبالمناسبة، ذكر السيد أحمد رضا بازيني أن الجمعية بصدد التحضير لإقامة عرس جماعي لفائدة 27 عريسا مطلع شهر نوفمبر المقبل.

ويؤدي أعيان المدينة و مشايخها و أئمة المساجد دورا “محوريا” في استحباب هذه  العادة الطيبة في أوساط المجتمع الورقلي، لاسيما بين الشباب والتمسك بها أكثر من خلال حثهم عليها و دعوة أولياء الأمور إلى تشجيع أبنائهم وبناتهم على الإقتداء بعادات الأسلاف من أجل إقامة هذه الرابطة الإجتماعية  ”المقدسة” مثلما أكد المتحدث.

ويرى السيد بازيني أن الأعراس الجماعية لم تعد اليوم تقتصر فقط على العائلات  البسيطة، بل أصبحت تفضلها كذلك العائلات الميسورة الحال، وذلك بالنظر لبعدها  الإجتماعي والديني وكذا الثقافي، حيث باتت وسيلة للقضاء على العنوسة وتأخر الزواج لدى الشباب وبالتالي التخفيف من الآفات الإجتماعية.

ويضيف نفس المتحدث أنه لم يكن العديد من شباب حي القارة الشمالية (واحد من الأحياء الشعبية بمدينة ورقلة) “يؤمنون بأنهم سيصبحون يوما ما عرسانا و  يؤسسون أسرا و يفتحون بيوتا و ينعمون بالإستقرار لولا الأعراس الجماعية التي  مكنتهم من تحقيق أحلامهم”.

وتحرص الجمعية المكلفة بإقامة هذه الأفراح الجماعية أن يكون العريس صاحب  وظيفة مستقرة بما يضمن قدرته على تحمل أعباء المعيشة لأسرته غير أنها  (الجمعية) تجد نفسها في بعض الأحيان مجبرة على تقديم المساعدة والبحث عن عمل  دائم بالنسبة للشاب البطال، فضلا عن تأكيد التراضي بين العائلتين وغيرها.

 

عادة اجتماعية تستقطب أعدادا متزايدة

من جهته، يرى عضو بجمعية “وسيط الخير بامنديل- بالضاحية الغربية لورقلة ” فتحي هبالي والتي تتأهب لتنظيم عرس جماعي لفائدة ما لا يقل عن 35 عريسا في شهر مارس المقبل أن ”هذه العادة الإجتماعية أصبحت تستقطب أعدادا متزايدة من  سنة إلى أخرى من شباب المنطقة بالنظر لنجاحها ووعيهم وإدراكهم بأهمية التضامن والتعاون والتآزر فيما بينهم”.

وباشرت هذه الجمعية منذ تأسيسها في 2007 عملها الخيري بتنظيم أول عرس  جماعي لفائدة سبعة (7) عرسان ثم 10 عرسان ليرتفع العدد بعدها إلى 20 متوجا، ثم إلى 35 عريسا خلال السنوات الثلاثة الأخيرة، مثلما ذكر السيد هبال.

وأكد بالمناسبة ”أن نجاح هذه الأعراس الجماعية في تحقيق التماسك الإجتماعي  و تكريس قيم التضامن في المجتمع يعد ثمرة جهود شباب واعي يتحلى بالمسؤولية  لخدمة المجتمع وتقديم قيم مجتمعية للأجيال القادمة”.

وعادة ما تستغرق التحضيرات الخاصة بالعرس الجماعي أشهرا عديدة، يتم خلالها تنظيم دورات وتدريبات لفائدة العرسان الجدد يؤطرها أساتذة ومرشدون ومشايخ من داخل وخارج الولاية، بالإضافة إلى أخصائي نفسي يتم خلالها تسليط الضوء على دور الزوجين في تحقيق التماسك الإجتماعي وكذا التأهيل الأسري، فضلا عن توزيع هدايا متنوعة للعرسان غالبا ما تكون عبارة عن أجهزة كهرومنزلية تساعدهم في حياتهم الجديدة.

 

فقرات متنوعة في الأفراح الجماعية تمتد لعدة أيام

ويقوم العرس على فقرات ومراحل عديدة غالبا ما تدوم ثلاثة أيام أو أكثر،  وتبدأ بإجراءات عقد القران في اليوم الأول وتنظيم احتفالية تطبعها الإستعراضات الفولكلورية لفرق البارود والقرقابو والخيالة ثم مأدبة العشاء (الوليمة) التي تتكون أساسا من طبق ”الكسكسي” الذي يعد بطرق تقليدية محضة  بفضل هبات و تبرعات المحسنين.

ويستمتع المعزومون بعد الإنتهاء من مأدبة العشاء – حسب عادة الأجداد  بالمنطقة – بتلاوات لكتاب الله العزيز الحكيم وإلقاء خطب وتقديم دروس ووعظ وإرشاد تتناول مقاصد الزواج للشباب والشابات، وأهمية العلاقات الأسرية في الدين الإسلامي، بالإضافة إلى تقديم وصلات إنشادية متنوعة وتكريم العرسان الجدد وتوزيع العديد من الهدايا عليهم.

يذكر أن عديد الأعراس الجماعية نظمت عبر مناطق متفرقة من ولاية ورقلة، منذ  مطلع السنة الجارية، لفائدة ما يفوق 500 عريس بمبادرة من عديد الجمعيات الخيرية المحلية لاسيما منها جمعيات الأحياء والجمعيات الدينية وذات الطابع الاجتماعي، والتي أقيمت جميعها وفقا لعادات وتقاليد السكان المحليين.

وكانت المنطقة قد شهدت تنظيم أكبر حفل زفاف جماعي شهر مارس الفارط لفائدة  أزيد من 260 عريسا بمبادرة من جمعيات محلية.

ق.م