الجزائر -أثارت شعارات وهتافات رفعها متظاهرون في الحراك الشعبي الذي تعيشه الجزائر من أسابيع، تدعو لتأسيس دولة فدرالية، سخطا شعبيا كبيرا تداولته منصات التواصل الاجتماعي على نطاق واسع.
وظل الحراك الشعبي طيلة الأسابيع الماضية، متماسكا موحدا في مطالبه التي بدأها بالتنديد بترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المتنهية ولايته لعهدة خامسة، ثم رفض قرارات الرئيس بتأجيل الانتخابات وتمديد العهدة الرئاسية إلى سنة وإطلاق ندوة حوار وطنية، غير أن ظهور أشخاص يرفعون رايات ترمز إلى العرقية في قلب العاصمة وكذا لافتات تنادي بتقسيم الجزائر إلى نظام فدرالي جهوي يهدد بنسف الحراك الشعبي ومطالبه ويعرضه للاختراق والالتفاف عليه.
ولعل مشاركة المحامي والحقوقي مقران آيت العربي في مسيرة الجمعة الرابعة، في رفع لافتة كبيرة كتب عليها بالبنط العريض “جمهورية ثانية فدرالية”، يعد الأكثر دلالة على بروز المطالب الفئوية المبنية على المصالح الضيقة والجهوية وهو لا يخدم المطالب الأساسية والكبرى التي ثار من أجلها الشعب، كما أن مثل هذه الشعارات من شأنها تفخيخ الوعي الجمعي والتشويش على وحدة مطالب الحراك وتمييع أولوياته، كما أنها تخلق اصطفافات وهمية لا تخدم تصورات الشعب للمرحلة المقبلة ولا للحلول المطلوب صياغتها.
ولقي مقران آيت العربي انتقادات لاذعة بسبب هذا الموقف وأدى لخسارته رصيده القيمي كمناضل من أجل القضية الأمازيغية، لأن وقوفه ضد الملايين الذين نزلوا إلى الشارع بما فيهم أبناء منطقته، أفقده المكانة التي كان يتمتع بها في أعين نشطاء القضية الأمازيغية كرمز حقوقي.

وبقدر ما يشكل حمل لافتات وهتافات مطالب فئوية بهذا الشكل من صدمة للشباب الذي خرج في البداية بسبب مطالب كانت تبدو أنها شعبية شرعية على غرار محاربة الفساد والعدالة والاجتماعية واحترام الدستور من خلال إعادة الحق في تعيين الحكام للشعب، فإن ذلك يعد تحديا للنظام ذاته بعدما تحولت المطالب إلى مطالب جهوية تعبر عنها فئة معينة يكون النظام نفسه قد حذر الشارع منها ومن أن يندس في داخل الشباب من لهم مطالب أخرى وتخدم جهات أبرزها حركة الماك الإنفصالية.
والشيء المؤكد أن المطالب الفئوية ستضعف مطالب الشباب الشرعية التي خرج من أجلها، وأمام هذه التصرفات غير المسؤولة ولا المحسوبة العواقب من أطراف خفية تصطاد في المياه العكرة وتهوى ركوب الأمواج وسرقة مطالب وأحلام الشعب، يبقى الجيش الوطني الشعبي الضامن الوحيد والحامي للمطالب التي رفعها الحراك الشعبي، بعد أن بعث رسائل تطمين عديدة أكد فيها مرارا استمراره في حماية المطالب الشعبية والتحام تطلعاته بتطلعات الشعب، والأكيد أن المؤسسة العسكرية لديها كل المعلومات عبر أجهزتها المتعددة لرصد تحركات هذه الأطراف وإفشال مخططاتها التي تصب في صالح أجندات أجنبية في تقسيم البلاد.
وكنتيجة حتمية المسيرات المليونية، في الجمعات الثلاث الأولى، وحتى يتجنب الجزائريون سيناريوهات مشابهة لما حدث ويزال في السودان وقبله في العراق قبلها وسوريا، أصبح من الضروري على شباب الحراك وبسرعة تعيين من يتحدث باسمه ويحمل رسالته للنظام الذي عبر عن استعداده للاستماع لمطالب الشارع وليس لمطالب تعبر عن فئات قد تركب ظهر الشباب.
أمين.ب