وسببها أن المسلمين حاصروا مدينة رمطة، فأرسل أهلها يطلبون المدد من ملك الروم، فأرسل إليهم أربعين ألف مقاتل، وأتى الجيش فنزل عند مسينا، وطلب أمير صقلية من المعزِّ حاكم إفريقية معونةً، فأرسل إليه نجدة، أما قائد الجيش، فترك قسمًا من جيشه أمام رمطة، وبرز بالقسم الباقي لقتال الروم، وكانوا أضعافًا مضاعفة من حيث العدد والعُدة، ودارت رحى معركة عنيفة، والروم صامدون واثقون من تفوقهم العددي، وصبر المسلمون وتعاهدوا على عدم الفرار، والموت في سبيل الله، ومع ذلك فقد وصل العدو إلى خيامهم، وحمل الحسن بن عمار على جموع الروم، ومن ورائه جنده، كما حمل مانويل أيضًا، وتلاحم الناس، وسدد المسلمون إلى مانويل طعنات عدة، لكنها لم تؤثر فيه؛ لكثرة ملابسه ودروعه، فقتلوا فرسه فسقط أرضًا، ودارت حوله المعركة، وتمكن المسلمون من قتله وقتل عدد من قادة جيشه، فانهزم الروم أقبح هزيمة، وسقط أغلبهم في جرف صخري، ولجأ قلة منهم إلى مدينة ريو الإيطالية.
ثم عاد المسلمون إلى رمطة فحاصروها وشدَّدوا عليها الحصارَ حتى فتحوها عَنوة، ثم عبر المسلمون مَضِيق مسينا إلى “ريو”، ودمَّروا معظمَ الأسطول الرومي، وكثر القتلى في الروم، وسيروا سرايا في البر الإيطالي ففتحوها، وقد سميت بوقعة المجاز؛ لأن المسلمين جازوا مضيق مسينا إلى البر الإيطالي.