صفد هي مدينة في الجليل تقع فوق جبل على ارتفاع ألفين وسبعمائة وثمانين قدمًا من سطح البحر، وقد فتحها صلاح الدين الأيوبي بعد حصار طويل استغرق شهر رمضان كله، عام 584هـ/1188م. وكان صلاح الدين الأيوبي قد رفع راية الجهاد، وأقسم أن يطهر بلاد المسلمين من الصليبيين والإفرنج الذين تملكوا أغلب إمارات بلاد الإسلام، وعاثوا فيها فسادًا، وقام صلاح الدين بتحرير مصر والشام وفلسطين، وقام بهزيمة الصليبيين في حطين، وسار يحرر الممالك والإمارات على طول الشام، وسار صلاح الدين من دمشق إلى صفد فحاصرها حصارًا شديدًا، ونصب عليها المجانيق، وأدام الرمي إليها ليلًا ونهارًا بالحجارة والسهام، حتى كادت مؤن أهل صفد أن تنفد، واشتد حصار المسلمين لقلعة المدينة، وصلاح الدين يرمي المدينة بالمجانيق لا يواني لقوة دفاعات المدينة وشدة قتال أهلها. ولما كان صلاح الدين يحاصر صفد، توجس الفرنج شرًا من وقوع المدينة، وكانت حصنًا منيعًا في وجوه المسلمين، وخشوا سقوط صور، فاجتمع من بصور من الفرنج، وقالوا: إن فتح المسلمون قلعة صفد لم تبق كوكب، ولو أنها معلقة بالكوكب، وحينئذ ينقطع طمعنا من هذا الطرف من البلاد؛ فاتفق رأيهم على فاتفق رأيهم على الحيلولة دون سقوط صفد. ولما اشتد حصار صلاح الدين الأيوبي لقلعة صفد، وأيقن أهلها بالهلاك، طلبوا الأمان وتسليم المدينة للمسلمين فأمنهم صلاح الدين الأيوبي، وتسلم الحصن منهم منتصف ذي القعدة، وسيرهم إلى صور، ولما فتح صفد سار عنها إلى كوكب ونازلها وحصرها، وكانت ثاني الحصون مناعة وقوة بعد صفد، وبذلك بسط المسلمون سيطرتهم ثانية على أغلب ممالك الشام مرة ثانية، وتم لصلاح الدين الأيوبي ما أراده من طرد الصليبيين من بلاد المسلمين، وردهم على أعقابهم خائبين.