هذه الحادثة مشهورة وثابتة بالكتاب والسنة، والتي حاول فيها أبرهة الأشرم غزو مكة وهدم الكعبة، وقد ذكر سبحانه هذه الحادثة في كتابه الكريم، فقال: “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ” الفيل:1-5، قال الماوردي: “آيات الملك باهرة، وشواهد النبوة ظاهرة، تشهد مباديها بالعواقب، فلا يلتبس فيها كذب بصدق، ولا منتحل بحق, وبحسب قوتها وانتشارها يكون بشائرها وإنذارها، ولما دنا مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم تعاطرت آيات نبوته، وظهرت آيات بركته، فكان من أعظمها شأنًا وأشهرها عيانًا وبيانًا أصحاب الفيل”. وقال ابن كثير: “هذه من النعم التي امتن الله بها على قريش فيما صرف عنهم من أصحاب الفيل، الذين كانوا قد عزموا على هدم الكعبة ومحو أثرها من الوجود، فأبادهم الله، وأرغم آنافهم، وخيب سعيهم، وأضل عملهم، وردهم بشرِّ خيبة، وكانوا قوماً نصارى، وكان دينهم إذ ذاك أقرب حالاً مما كان عليه قريش من عبادة الأصنام، ولكن كان هذا من باب الإرهاص والتوطئة لمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه في ذلك العام وُلِدَ على أشهر الأقوال”. وقال ابن تيمية: “وكان جيران البيت مشركين يعبدون الأوثان، ودين النصارى خير من دينهم، فعُلِم بذلك أن هذه الآية لم تكن لأجل جيران البيت حينئذ، بل كانت لأجل البيت، أو لأجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، الذي وُلِدَ في ذلك العام عند البيت، أو لمجموعهما، وأيّ ذلك كان، فهو من دلائل نبوته”.