تاريخ وتراجم.. خديجة رضي الله عنها

تاريخ وتراجم.. خديجة رضي الله عنها

روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: “أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، هذه خديجة قد أتَتْ، معها إناء فيه إدام، أو طعام، أو شراب، فإذا هي أتتك، فاقرأ عليها السلام من ربِّها ومنِّي، وبشِّرها ببيت في الجنة من قصب، لا صخب فيه، ولا نصب”. وسألت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها وأرضاها أباها، قالت: قلت: يا رسول الله، أين أُمِّي خديجة؟ قال: “في بيت من قصب”، قلت: أمن هذا القصب؟ قال: “لا؛ من القصب المنظوم بالدُّرِّ، واللؤلؤ، والياقوت”، وهنا في لفظ القصب مناسبة؛ لكونها أحرزت قصب السبق لمبادرتها إلى الإيمان دون غيرها، وقال: ببيت، ولم يقل: بقصر، وفي هذا دلالة على أنها لما كانت ربة بيت قبل المبعث، ثم صارت ربة بيت في الإسلام منفردة به، فلم يكن على وجه الأرض في أول يوم بعث النبي صلى الله عليه وسلم بيت إسلام إلا بيتها، وهي فضيلة ما شاركها فيها غيرُها، وجزاء الفعل يذكر غالبًا بلفظه، وإن كان أشرف منه قصدًا؛ فلهذا جاء الحديث بلفظ البيت دون ذكر القصر. إنها أم المؤمنين خديجة بنت خويلد بن أسد القرشية الأسدية، وهي من أفضل نساء الأمة؛ قال الذهبي رحمه الله: “كانت عاقلة جليلة، دينة مصونة، كريمة من أهل الجنة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها، ويفضِّلها على سائر أمهات المؤمنين، ويبالغ في تعظيمها”. ولم يُعلَم أن الله جل وعلا أرسل سلامًا إلى امرأة إلا لـخديجة بنت خويلد، وهذه المنقبة لو عرفت مقدار عظمة الله، لعرفت مقدار عظمتها، وذلك أن يبعث الله بسلام منه إلى امرأة تمشي على قدميها بين الناس، فلما قال لها النبي هذا، وأبلغها سلام الله عليها، ماذا قالت؟ انظر إلى فقهها رضي الله عنها، قالت: إن الله هو السلام، وعليك وعلى جبريل السلام.