يُترجِم له الذهبي بقوله: “هو البراء بن مالك بن النضر بن ضمضم بن يزيد بن حرام بن جندب بن، الأنصاري النجاري المدني، البطل الكرَّار، صاحب النبي صلى الله عليه وسلَّم، وأخو خادم النبي صلى الله عليه وسلم أنس بن مالك، شهد أُحُدًا، وبايع تحت الشجرة”؛ إنه واحد من أشهر المجاهدين الأبطال الذين كان لهم صولات وجولات في ميادين القتال؛ بل إن تاريخ الإسلام ليحتفظ له بمواقف بطوليَّة نادرة دلَّت على كريم عُنْصره، وعِزَّة نفسه، وعظيم تَقْواه، وعُمْق إيمانه، وقد زيَّن كل هذه الصفات وتوَّجها بخُلُق الزُّهْد في الدنيا والإيثار على النفس. نجح البراء في هذا الاستحقاق؛ استحقاق مَحبَّة الله بامتياز، وهذا بشهادة خيرِ خَلْق الله كلهم الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم إذ يقول في الحديث الذي رواه الحاكم في مستدركه والترمذي في كتاب المناقب عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، ذِي طِمْرَيْنِ، لَا يُؤْبَهُ لَهُ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَأَبَرَّهُ” مِنْهُمُ الْبَرَاءُ بْنُ مالك. أما وقد عرفنا المكانة الخُلُقيَّة التي تبوَّأها الصحابي البراء بن مالك، آن لنا أن نتساءل عن المواقف النضالية التي أهَّلَتْه ليحوز هذا الشرف العظيم، فعن بكر بن سليمان عن ابن إسحاق أن البراء كان من أبطال حرب الردَّة، ففي يوم حرب مسيلمة الكذَّاب أمر أصحابه أن يحتملوه على ترس، على أسنَّة رماحهم ويلقوه في الحديقة، فاقتحم إليهم وعليهم، وقاتل حتى افتتح باب الحديقة، فجُرح يومئذٍ بضعة وثمانين جُرحًا؛ ولذلك أقام خالد بن الوليد عليه شهرًا يداوي جراحه. لقد كانت للبراء بن مالك ملامح بطوليَّة كثيرة لا يسعفنا المقام في إيرادها، وتبقى موقعة “تُستَر” شاهدة على فروسيَّة واستبسال هذا البطل الذي تمنَّى على الله أن يرزقه الشهادة ليتوِّج بها مسار نضاله المميز.