تاريخ وتراجم.. الإمام الشاطبي

تاريخ وتراجم.. الإمام الشاطبي

هو الإمام العالم أبو محمد القاسم بن فِيْرُّه، وُلِدَ رحمه اللهُ في آخر سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة 538 للهجرة بشاطبة في الأندلس، ونشأ بها مُقبلًا على العلم؛ حيث تعلَّم القراءات على شيخه أبي عبد الله محمد بن أبي العاص النَّفزي، ثم رحل إلى فلنسية بالقرب من بلده، فعرض بها التيسيرَ مِن حفظه، والقراءاتِ على ابن هُذيل، وسمع منه الحديثَ، ثم رحل للحَجِّ فسمع مِن أبي طاهر السِّلَفي بالإسكندرية، ولما دخل مصر أكرمه القاضي الفاضل، وعرف مقداره، وأنزله بمدرسته التي بناها داخل القاهرة، وجعله شيخًا لها. كان الإمام الشاطبي يتوقَّد ذكاءً، له الباعُ الأطول في القراءات والرَّسم والنَّحو والفقه والحديث؛ ألَّف في ذلك متونًا ممتعةً، بَدَت فيها غزارةُ عِلمِه، ورجاحةُ عقله، وعُلُوُّ منـزلتِه، فلمَّا تصدَّر مصر عظُم شأنُه، وبعُد صيتُه، وانتهت إليه رئاسةُ الإقراء، كان الشاطبي إمامًا ثبتًا حجةً في علوم القرآن والحديث واللغة، كما كان آيةً من آيات الله في حِدَّة الذِّهن، وحصافة العقل، وقوةِ الإدراك، مع الزُّهد والوِلاية، والورع والعبادة، والانقطاع والكَشْف، شافعيَّ المذهب مواظبًا على السُّنة، لا يجلس للإقراء إلا على طهارة، وكان يمنع جلساءه من الخوض إلا في العلم والقرآن، وقال ابن خلكان: “وكان يجتنب فضولَ الكلام، ولا يتكلَّم في سائر أوقاتِه إلا بما تدعو إليه ضرورةٌ، ولا يجلس للإقراء إلا على طهارة، في هيئة حسنةٍ، وخضوعٍ واستكانة، ويمنع جلساءه من الخَوض والحديث في شيءٍ إلا في العلم والقرآن. قال ابن الجزري رحمه الله: كان الشاطبي أعجوبة في الذَّكاء، آيةً من آيات اللهِ، مواظبًا على السُّنة. وتوفي رحمه الله يوم الأحد بعد صلاة العصر، وهو اليوم الثامن بعد العشرين من جمادي الآخرة سنة تسعين وخمسمائة 590هـ، ودفن يوم الاثنين بمقبرة القاضي الفاضل بالقرافة الصُّغرى بالقرب من سفْح الجبل المقطَّم بالقاهرة.