تاريخ وتراجم.. الأمراض عبر التاريخ الإسلامي

تاريخ وتراجم.. الأمراض عبر التاريخ الإسلامي

إن كثير من الموت في هذه الأمة يكون بالقتل وبالأوبئة، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَا تَفْنَى أُمَّتِي إِلَّا بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ” رواه أحمد. والطعن هو القتل، والطاعون وباء. قال ابن خلدون رحمه الله تعالى: وأما كثرة الموتان فلها أسباب من كثرة المجاعات… أو كثرة الفتن… فيكثر الهرج والقتل، أو وقوع الوباء، وسببه في الغالب: فساد الهواء بكثرة العمران؛ لكثرة ما يخالطه من العفن والرطوبات الفاسدة. وقد وقع في المئة الأولى للهجرة النبوية أربعة طواعين، ابتلي بها الناس آنذاك، فطاعون وقع سنة ست للهجرة عام صلح الحديبية لكنه أصاب بلاد فارس، وسلم منه المسلمون في المدينة؛ لأن المدينة حرمت على الطاعون، لكن قد يصيبها وباء غير الطاعون. والطاعون الثاني: طاعون عَمَوَاسَ في الشام، واستشهد فيه جمع من الصحابة رضي الله عنهم، أشهرهم: معاذ وأبو عبيدة وشرحبيل بن حسنة والفضل بن العباس. وحصد خمسة وعشرين ألف نفس. والطاعون الثالث: طاعون الجارف في دولة ابن الزبير رضي الله عنهما سنة تسع وستين للهجرة، سمى الجارف؛ لكثرة من مات فيه من الناس، وسمى الموت جارفا لاجترافه الناس، هلك في ثلاثة أيام منه في كل يوم سبعون ألفاً. ومات لأنس بن مالك رضي الله عنه فيه ثلاثة وثمانون ابناً، ويقال: ثلاثة وسبعون. ومات لعبد الرحمن بن أبي بكرة أربعون ابناً، ومات لعبيد الله بن عمير ثلاثون ابناً، ومات لصدقة بن عامر سبعة بنين في يوم واحد، فدخل، فوجدهم قد سجوا جميعاً، فقال: اللهم إني مُسلِّمٌ مسلم. والطاعون الرابع: كان سنة سبع وثمانين ويسمى طاعون الفتيات، لأنه بدأ في العذارى والجواري بالبصرة وبالشام وبالكوفة ومات فيه عبد الملك بن مروان الخليفة أو بعده بقليل، ويسمى أيضا: طاعون الأشراف؛ لكثرة من مات فيه من الكبراء. وفي عصرنا هذا ظهرت أوبئة ما كانت تعرف من قبل كالإيدز والسارس وجنون البقر وأنفلونزا الطيور والخنازير وأيبولا وكورونا وغيرها.