– من صفات الداعية أن تكون الدعوةُ همَّه الأول، فيوسف عليه السلام وهو في السجن وظلماته، ومع الظلم وظلماته، لكن كل ذلك لم يمنعه من الدعوة إلى الله وتبليغه دينه، والداعية إن لم تكن الدعوة همه، فلن يعمَل لأجلها، ولن يجتهد فيها بما هو مطلوب منه، فكلما كان الشيء يُهم المرء، بذل واجتهد فيه.
– من وسائل الدعوة إلى الله استثمار الفرص والمواقف للدعوة إلى الله؛ فيوسف عليه السلام استثمر وجود هذين السجينين معه في السجن، وكذلك حاجتهما لتعبير الرؤيا، فوجدها فرصة لدعوتهما؛ لأن ذلك أقرب للإجابة؛ لأنهما هما مَن احتاجا إليه؛ فقال لهما: ” يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ” يوسف: 39.
– من أساليب الدعوة الرفق واللين عند الخطاب؛ حيث قال لهما: ” يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ ” يوسف: 39؛ نداءٌ لطيف وجميل، يُشعِرهما أنهما صاحباه، فتكون آذانهما له مصغية، وقلوبهما له مفتوحة، وتكون الاستجابة له قريبة؛ وقد نادى نوح عليه السلام ابنه الكافر بمثل ذلك فقال ” يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا ” هود: 42.
– من وسائل الدعوة إلى الله البدءُ بالأهمِّ فالأهم والتدرج في الدعوة؛ حيث بدأ يوسف عليه السلام بدعوتهم للتوحيد؛ قال تعالى عنه: ” يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ” يوسف: 39، وقال: ” أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ” يوسف: 40، فأول ما يبدأ الداعية بالدعوة إلى توحيد الله عز وجل، وهذا هو منهج الأنبياء جميعًا.
– من صفات الداعية نسبة النعم إلى الله عز وجل؛ فيوسف عليه السلام بعد أن دعا صاحبي السجن للتوحيد قال لهما: ” ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ” يوسف: 38، وقال لهما: ” ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ” يوسف: 37؛ فالعلم ليس بسبب الذكاء والعقل وقوة الإيمان، بل كل ذلك بتوفيق من الله، والنعم كلها من الله والتوفيق منه سبحانه.