تأثيرها يتجاوز كتب المؤرخين وحتى النصوص الأدبية.. الجزائر تراهن على الأفلام التاريخية

تأثيرها يتجاوز كتب المؤرخين وحتى النصوص الأدبية.. الجزائر تراهن على الأفلام التاريخية

 

يعرف الفن السابع ببلدنا في الآونة الأخيرة حركية كبيرة عبر بوابة الاهتمام بالسينما التاريخية، من خلال اعطاء إشارة انطلاق عدد من الأفلام، آخرهما “السويقة” بقسنطينة و“الساقية” عن الأحداث التاريخية المشتركة بين تونس والجزائر في مدينة ساقية سيدي يوسف التونسية.

وكانت العاصمة قبلهما بأسبوع مسرحا لانطلاق تصوير يتحدث عن بطولات الشهيد محمد بلوزداد.

ومع هذين الفيلمين، تواصل الجزائر دعمها للسينما التاريخية رغم الجدل الذي يحوم حولها بعد إنجاز كل عمل من هذا النمط، جدل يمس بمصداقية التناول التاريخي والتوظيف السياسي الراهن لأحداث الماضي.

واحتضنت ساحة متحف الفنون والتعابير الثقافية التقليدية “قصر الحاج أحمد باي” بقسنطينة، نهاية الأسبوع الماضي، إشارة انطلاق تصوير المشاهد الأولى للفيلم التاريخي “السويقة” الذي يسلط الضوء على إحدى أهم الحقب التاريخية التي عاشتها مدينة قسنطينة خلال الفترة الاستعمارية ونضال سكان هذا الحي العتيق.

ويروي هذا الفيلم أحداثا حقيقية لنضال سكان هذا الحي إبان فترة الاستعمار الفرنسي، وهو من تأليف وإخراج عمار محسن، حيث يسلط الضوء على مدار ساعة ونصف الساعة على عادات وتقاليد المدينة وكفاحها المرير إبان الثورة التحريرية الوطنية الجزائرية وما تبعها من أحداث دامية.

وتعود الفترة الزمنية التي يتناولها الفيلم إلى أول يوم من شهر رمضان إلى غاية ليلة عيد الفطر من سنة 1958 وذلك بحي السويقة العتيق.

وقد أبرز المخرج محسن أن القصة حقيقية وممزوجة بشيء من الخيال عاش تفاصيلها، باعتباره ابن الحي وشاهدا على مآس عاشها أفراد عائلته وجيرانه واستشهاد عدد من سكان المدينة سنة 1958.

كما يتضمن هذا العمل السينمائي، حسب ذات المتحدث، مشاهد لأسماء ثورية على غرار الشهيد حملاوي وشخصيات أخرى، إلا أن هناك مشاهد وشخصيات في فيلم ”السويقة” من نسج الخيال.

وخلال إشرافه على انطلاق تصوير المشاهد الأولى لهذا الفيلم التاريخي بحضور عدة وجوه فنية، أبرز محافظ قسنطينة عبد الخالق صيودة أهمية مثل هذه الأعمال الفنية التي توثق لمحطة هامة من تاريخ قسنطينة التي تعد قلعة للفداء، مؤكدا على دعمه لإنجاح هذا الفيلم.

وأوضح سمير قنز مدير الإنتاج بالتلفزيون الجزائري أن الانطلاق الفعلي لتصوير فيلم “السويقة” سيكون في غضون الأسبوع الثاني الموالي لعيد الفطر المقبل، لتتبعه عملية ترويج لهذا الإنتاج السينمائي. وأضاف أن هذا الفيلم سيسمح بفتح المجال أمام مواهب في مسارح جهوية ومؤسسات شبابية.

أما الممثل حكيم دكار بطل فيلم “السويقة” الذي يتقمص شخصية الهادي، فقد أشار إلى أن هذا العمل ”مزيج بين الحقيقة والخيال ويروي أحداث ويوميات سكان حي السويقة العتيق، الذي كان يمثل القلب النابض لمدينة قسنطينة”.

كما أطلقت الجزائر إشارة انطلاق تصوير أول فيلم جزائري تاريخي من نوع التحريك ثلاثي الأبعاد بعنوان “الساقية” بتونس، وينتج هذا الفيلم التاريخي من طرف وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، حيث تبلغ مدته 70 دقيقة ويقوم بإخراجه نوفل كلاش، فيما أعد السيناريو الخاص به والذي يتناول أحداث ساقية سيدي يوسف، الطيب توهامي.

وتستخدم في هذا الفيلم مشاهد مستنبطة من مناطق بالجزائر العاصمة والمدية وسوق أهراس، وسيستغرق تحضيره 30 أسبوعا ويسهم في ضبطه 20 تقنيا.

ويعد فيلم “الساقية” ملحمة ثورية لمنطقة حدودية امتزج فيها الدم الجزائري بالدم التونسي، بعد أن توحدت قلوب الشعبين على هدف واحد وهو الحرية ونيل الاستقلال.

ويروي الفيلم قصة عائلة الجد أحمد الجزائرية المتكونة من الجد أحمد وابنته وحفيده عمار، والذين اضطرتهم حملات القمع والنهب والتخريب التي يقوم بها جيش المستعمر ضد المدنيين إلى مغادرة الدوار الذي يعيشون فيه والانتقال كلاجئين إلى بلدة ساقية سيدي يوسف، لتستقر العائلة هناك في كوخ بسيط يملكه أحد أهالي الساقية، وهو التونسي بلقاسم الذي قرر من تلقاء نفسه مساعدة هذه العائلة الجزائرية ومد يد العون لها واقتسام لقمة العيش معها.

وفي مشهد آخر، يتمكن الطفل عمار من تحدي الصعاب وقطع المسافات للالتحاق بوالده في ساقية سيدي يوسف والالتقاء به قبل أن يفارق الحياة.

ولم تتوقف مأساة عمار عند هذا الحد، بل عايش أحداث ومجازر ساقية سيدي يوسف وقصف طائرات الاحتلال لكل ما هو حي في تلك المنطقة الحدودية.

وبشيء من التشويق، وقع القصف الاستعماري عندما كان عمار رفقة زملائه في القسم يدرسون، حيث كان بصدد رسم يهديه لصديقه بمناسبة عيد ميلاده. وهنا يطرح الفيلم العديد من الأسئلة من بينها هل ينجح عمار في إيصال هديته، وهل يتمكن الطفلان من البقاء على قيد الحياة تحت بطش القصف ونيران التفجيرات التي طالت الساقية ذات الثامن من فيفري 1958.

ب/ص