تأثيرات الجو على الإنسان.. تقلبات الطقس وعلاقتها بنوبات الشقيقة

تأثيرات الجو على الإنسان.. تقلبات الطقس وعلاقتها بنوبات الشقيقة

حاول البروفيسور الألماني يورغ شايدت، أستاذ أنظمة المعلوماتية في جامعة الهوف الألمانية، تأكيد العلاقة بين تقلبات الطقس ونوبات الشقيقة علمياً، عن طريق استفتاء المعانين من الداء في ألمانيا وسويسرا والنمسا.

ووزعت جامعة الهوف تطبيقاً للاندريويد 2.0 يحمل اسم “رادار الشقيقة” يتيح للمعانين من داء الشقيقة المشاركة في استفتاء عام حول مختلف جوانب المرض، ولكن عن علاقته بالطقس أساساً.
شارك في الاستفتاء 800 مواطن من البلدان الناطقة بالألمانية في هذا المشروع الذي شاركت فيه عدة جامعات طبية ألمانية، وينوي شايدت توسيع المساهمة عن طريق تخصيص صفحة إلكترونية يمكن خلال عدة أشهر أن تستقطب عشرات الآلاف ممن قد يثير الخريف الجاري نوبات الصداع النصفي لديهم، ويؤكد الباحث أن الهدف من الدراسة هو تشخيص العلاقة بين المرض والطقس برغبة التوصل إلى طريقة للتخفيف من شدة المرض على المعانين منه.
تشارك في بنك المعلومات هذا جامعة روستوك الطبية وعيادة الصداع وداء الشقيقة في كونغشتاين، وذكر شايدت أن معظم عيادات معالجة الصداع والصداع النصفي تكلف المرضى بكتابة “يوميات” المرض وعلاقته بالنهار والليل والفصول والشروق والغروب…إلخ، وكل هذه العيادات مدعوة لوضع ما لديها من معطيات في الصفحة الإلكترونية لرادار الشقيقة، وهذا يعني أن الصفحة ستتحول إلى نوع من بنك معلومات لكل مرضى المنطقة الناطقة بالألمانية.
يعتبر الصداع النصفي من أكثر أنواع آلام الرأس شدة وانتشاراً بين السكان، وخصوصاً النوع المفاجئ منه، الذي يداهم المصاب دون أورة ، أي بدون حس شخصي بإمكانية حدوثه. وتتميز الشقيقة بحدوث آلام رأس شديدة أحادية الجانب، نابضة، تتصاعد ببطء، وتدوم لفترة تمتد بين 4 ساعات – و3 أيام ومصحوبة بالغثيان والقيء، وربما بالإسهال وكثرة الإدرار.
وتتصاعد مع نوبات الآلام حساسية المصاب للضوء والضوضاء والروائح وتجبر هذه التطورات المريض على الانسحاب إلى غرفة مظلمة والانعزال عن الآخرين والخلود إلى النوم، ويتعرض بعض المصابين إلى نوبتين أو ثلاث طوال فترة حياتهم في حين يتعرض آخرون إلى نوبة أو نوبتين كل أسبوع
مع وجود فترة من الهدوء والرائحة تتخلل النوبات. وتعتبر الفترة الممتدة بين المراهقة ومنتصف العمر من أخطر فترات التعرض لنوبات الشقيقة.

رياح الألب الدافئة

يعاني 10% من الألمان من داء الشقيقة، مع تفوق ظاهر للنساء في هذا المجال (ثلاثة أضعاف) على الرجال، وهكذا أصبح المرض الأكثر “شعبية” في ألمانيا، وتفوق على داء السكري الذي يصيب 8%، ويأتي اسم “ميغرين” من اليونانية القديمة ويعني “نصف الجمجمة”.
ويبدو أن أهالي ولاية بافاريا، الألمانية الجنوبية، وحيث جبال الألب، يعانون أكثر من غيرهم من الألمان من داء الشقيقة، وحينما تهب رياح الألب الدافئة نحو ميونخ يقول أهاليها إن معاناتهم من الشقيقة تزداد. ويرى البروفيسور شايدت أن مشاركة الآلاف من ألمانيا والنمسا وسويسرا، حيث تتركز جبال الألب، في الدراسة، وتأكيدهم المعاناة من الصداع النصفي بالعلاقة مع الطقس، سيمكنه من القول بثقة علمية “أن لرياح الألب الدافئة دوراً فعلاً في الموضوع”.
ويأمل شايدت بالطبع بتوسيع المشروع ليشمل أوروبا، بل وربما العالم، لكن مشاركة عشرات الآلاف في كتابة “يوميات المرض” يكفي لتأكيد العلاقة. ويفترض أن تكون مشاركة المرضى منتظمة وخلال مدة لا تقل عن سنتين كي تكتسب الدراسة مداها الزمني المطلوب.

مبادرة طلبة الهوف

يعود الفضل أساساً في مشروع “رادار الشقيقة” إلى ثلاثة طلاب من جامعة الهوف، الذين يتخصصون بالمعلوماتية، ويعانون أنفسهم من داء الشقيقة. وهم من بدأ الاستفتاء بين الطلبة داخل أروقة الجامعة عن علاقة الطقس بالنوبات القاسية للمرض.
شارك بعدها البروفيسور شايد، إلى جانب البروفيسور شارلي غاول من عيادة الصداع والشقيقة في كونغشتاين، والعالم النفسي بيتر كروب، أستاذ الطب النفسي في جامعة روستوك، في صياغة الأسئلة والجداول التي تؤلف مضمون الدراسة. وهي أسئلة تتجنب الأسماء الشخصية والعناوين، لكنها تؤكد على الجنس والعمر ومواعيد النوبات…إلخ. وركزت الأسئلة على التفريق بين المرضى الذين يعانون فعلاً من داء الشقيقة والمرضى الذين يعانون من صداع ما متكرر. ويعتمد معدو الدراسة هنا على الكشف عن الأعراض المعروفة للمرض للتفريق بين الحالتين.

تركز الأسئلة على الكشف عن العوامل التي تؤدي إلى ظهور الأعراض، مثل الجهد النفسي، أو الجهد العضلي، أو الدراسة…إلخ. ويقول كروب إن التأكد من علاقة المرض بالطقس سيعينه على وضع آليات لقطع دابر الأمر. ويضيف: إذا داهمت الأعراض شخصاً في نهايتي أسبوعين متتاليتين، فإنه سيعاني منها بالتأكيد في الأسبوع الثالث، وهذا يفرض علينا البحث عن آليات لقطع هذه الحلقة المفرغة، هذا ما يحصل أيضاً مع مرضى داء الشقيقة بالعلاقة مع الطقس، ولابد هنا من كسر استمرارية هذه الحالة.
ق. م