بين تحريم الشرع واستنكار النفس… التنابز بالألقاب في أوساط الشباب من الدعابة إلى التجريح

بين تحريم الشرع واستنكار النفس… التنابز بالألقاب في أوساط الشباب من الدعابة إلى التجريح

أفرز التطور الحاصل في الحياة الاجتماعية للجزائريين عدة سلوكيات خطيرة خاصة على فئة الشباب، حيث استحدثت عدة أنماط غريبة في مجالات مختلفة منها ما هو سلبي وآخر إيجابي، هذه الأنماط موقعة تحت اسم الموضة والعصرنة، حيث وصل الأمر إلى التنابز بالألقاب وإطلاق أسماء جارحة  تكون في أغلب الأحيان مخلة بالآداب العامة، وهي ألقاب يطلقها البعض على أناس غير مبالين بمشاعرهم وما قد تسببه لهم من إحراج، فتغيرت أسماء لطالما فرح وافتخر بها حاملوها كمحمد، ياسين، وعادل إلى (بلوطة)، (روطار)، وكذا (تخشة)، ويصل الأمر في عديد الأحيان بل وأغلبها إلى درجة ملازمة  هذه الألقاب لأصحابها أينما ذهبوا مسببة حالة من الحرج والغضب والحقد والعداء تجاه الآخرين، هذه الألقاب وإن أطلقت على أفراد في مرحلة معينة غالبا ما تكون في فترة المراهقة أو الشباب الأولى، فستبقى ملازمة لهم إلى نهاية العمر.

 

جحا، تخشة، فخفوخ، ألقاب لشباب حملوا أبهى الأسماء

يقول ياسين وهو ابن 22 ربيعا “تفاجأت كثيرا عندما كنت أسير في إحدى المرات وسمعت أطفالا ينادونني بجحا، ثم شاع هذا اللقب في جميع أرجاء الحي”، وعن سبب مناداته بهذا الاسم يقول “عشت في الريف أين كان أهلها يتميزون بروح المداعبة وعندما انتقلت إلى المدينة نقلت معي حب المداعبة و النكت، فلا أكلم أحدا إلا وأجعله يضحك، لأفاجأ باسم جحا يطلق علي، ما تسبب لي في حرج كبير وخجل أكبر، فما كنت لأظن بأن المزاح مع الناس له عواقب مثل هذه”.

أما أمين فيقول:”لم اعتد منذ صغري أن يناديني أهلي باسمي الحقيقي وكذا زملائي، بل الفت اسم ” فخفوخ” كوني آكل كثيرا، كما أنني قصير القامة” وعما إذا كان هذا اللقب يزعجه، قال “هذا الاسم يعجبني ولا يشكل لي أي عائق، فقد تربت أذني على اسم “فخفوخ”.

أما عادل  فصاحب 20 سنة فيؤكد على أن الأمر لا يتوقف عند اسم يطلق على إنسان وإنما على نوعيته، كاسم “حدة” الذي أطلق عليه بسبب مجالسته للنساء كثيرا في البيت، متابعا حديثه بأن إخوته الصغار نقلوا الاسم إلى أصدقائه في الشارع ليتداولوه، مضيفا بأن أي خطأ صغير مهما كان نوعه سيكلف صاحبه الكثير. ويشير عادل إلى أنه يعرف الكثير من الأشخاص نُعتوا بأسماء جراء خلقتهم كإطلاق اسم السوداني على أحد معارفه كونه داكن البشرة، وسلوقي كونه نحيفا ويجري بسرعة كبيرة على غرار أسماء أخرى كالشادي لأنه يتصرف مثل القرد.

 

“المعايرة” تستهوي وتحرج الجزائريين

أكد العديد ممن التقتهم “الموعد اليومي” أن ألقاب  المعايرة  انتشرت بكثرة في الآونة الأخيرة، وغايتها التقليل من قيمة الأشخاص والحط من كراماتهم،  بالإضافة إلى كونها قد تطمس شخصيتهم الحقيقية وانعدامها في أغلب الأحيان، مضيفين بأن هذه الظاهرة تؤثر بشكل ملحوظ على الملقبين بمثل هذه الأسماء، فهم يرفضون ألبتة أن يلقبوا بأسماء غير أسمائهم ويغضبون من مناداتهم بها، ما قد يتسبب في نشر الغل والحقد داخل المجتمع وبين الأشخاص، خاصة أن هذه الألقاب تبقى ملازمة لهم طيلة حياتهم حتى لو غيروا من مكان إقامتهم.

 

الدين يحرم التنابز بالألقاب

يحرم علماء الدين التنابز بالألقاب لقوله تعالى في القرآن الكريم “ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان، ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون” الآية 11 من سورة الحجرات، ومعنى الآية حسب علماء الدين أنه لا يجب أن يعيب بعضكم البعض وألا تتداعوا بالألقاب المستكرهة، لما فيها من احتقار لهذا الشخص واستهزاء به وسخرية منه، وأن هذه الظاهرة راجعة بالأساس إلى بُعد شباب اليوم عن تعاليم الدين الحنيف وتأثره بكل ما يصدر من البلاد الأجنبية صالحا كان أم طالحا.

 

التنابز بالألقاب يرسخ عقدة النقص لدى الإنسان

أكد الأخصائيون في علم النفس على أن التنابز بالألقاب له مخلفات ذات تأثير سلبي على نفوس الآخرين، حيث تقلل من الاحترام بين الأفراد، بالإضافة إلى تحسيس الشخص بالنقص والعجز، خاصة إذا كان اللقب ناجما عن صفة قصور في الإنسان، ناهيك عن توليده في نفس المخاطب الحقد والعداء في المجتمع ويضعف من أمله في التفاعل مع الآخرين.

ق. م