بيان أول نوفمبر 1954م

بيان أول نوفمبر 1954م

 

لقد كان بيان “أول نوفمبر 1954م” نتيجة حتمية لكل المراحل السابقة منذ دخول المستعمر الفرنسي إلى أرض الجزائر، و كان امتدادا لجهود المقاومات الشعبية في كل المناطق، بالموازاة مع النضال السياسي في الحركة الوطنية التي استمرّت ما يقارب نصف القرن من الزمن. وهذا كلّه من أجل تحقيق هدف نبيل وحق مشروع في كل الديانات والمواثيق والقوانين العالمية. إنّ تحرير “بيان أول نوفمبر1954م”  قد حرص على توضيح الدافع الرئيسي لإعلان الثورة، فكان تعبيرا صادقا على الوضع العام الذي فرضته السياسة الاستعمارية الفرنسية المطبقة آنذاك. كما حدّد الأفكار الدقيقة والمنهج العملي الواضح الذي يضبط الكفاح المسلّح وتُبنى عليه الدولة الجزائرية الحديثة بعد الاستقلال. أمّا مضمون البيان فقد ركّز على الحالة العامة للشعب الجزائري والتشخيص الدقيق للظروف المأساوية التي أنتجها الاستعمار الاستيطاني:

– توضيح طبيعة الثورة وأهدافها وسُبل نجاحها، وعدم فصلها عن المصير المشترك لدول المغرب العربي، مع التنبيه إلى صعوبة المهمة وضرورة العمل بالأسباب ليكون النصر قريبا بإذن الله تعالى.

– ضرورة المزاوجة بين الكفاح المسلّح والنضال السياسي لتحقيق الأهداف وفق معايير وشروط واضحة تضمن حقوق الجزائريين في بلادهم.

– التأكيد على أنّ الثورة من الشعب وإلى الشعب، ولابدّ من إرجاعها إلى حضنها الطبيعي حتى تُؤتي أُكلها، لأن الشعب إذا آمن بفكرة الثورة واقتنع بأهدافها فإنه لا يتخلّى عنها.

– كسب التأييد من الرأي العام العالمي والعربي وكل من ساند فكرة التحرّر للشعوب المستعمرة، وكلّ هذا لابدّ أن ترافقه الوسائل الإعلامية المختلفة والمُتاحة لتلعب دورا أساسيا في نشر وإنجاح المهمّة.

إنّ “بيان أول نوفمبر 1954م” أكبر من أن يكون وثيقة رسمية تاريخية محدودة بزمن معيّن، وإنما يُعتبر منهجا عمليا وأساسا متينا من حيث الشكل والمضمون لكلّ من أراد أن يفهم حقيقة المستعمر وحقوق الشعوب المضطهدة عبر العالم وفي كل العصور، ويُعدُّ أيضا منطلقا أساسيا لكل الشعوب التي تريد تنمية الروح الوطنية وتُترجم حُبّ الأوطان إلى إنجازات نافعة تُسهم في رفاهية الأفراد وازدهار المجتمعات.