في أجواء سينمائية بديعة، يحتضن المسرح الجهوي “عز الدين مجوبي” بعنابة الطبعة الخامسة من مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي، بحضور ثلة من الوجوه السينمائية الجزائرية والعربية والدولية، إلى جانب ضيوف شرف من عدة دول متوسطية.
وأكدت الوزيرة مليكة بن دودة بالمناسبة أن السينما هي حياتنا كما نتخيلها وكما لم نتخيلها يوما، وهي أفكارنا والأفكار الغريبة عنا، والاحتفاء الأكبر بالإنسان في كل حالاته، إنها حيوات عديدة تهدى إلينا جميعا، ولهذا نلتقي اليوم في مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي. وشددت على أن الشغف السينمائي لا يعترف بالحدود، وكذلك هي الثقافة، تعبر كلما كانت أصيلة وصادقة لتقيم جسور التواصل الإنساني وتزيل أسباب الكراهية والأحقاد المجانية. وأضافت أن اختيار موضوع “الذاكرة والمستقبل” شعارا لهذه الطبعة لم يكن اعتباطيا، إذ أن المتوسط كان عبر التاريخ ملتقى الحضارات، وبين ضفتيه ازدحمت الأفكار الخلاقة التي أنتجت هذا المزيج البشري، وكما أن لدينا ذاكرة مشتركة تعبر بين الضفتين، فحتما هناك مستقبل إنساني مشترك يجمعنا. واستحضرت الوزيرة رمزية التجارب السينمائية المشتركة، مشيرة إلى أن الجزائر كانت أول بلد في الضفة الجنوبية للمتوسط يشهد تأسيس متحف السينما – السينماتيك الجزائرية، وأول بلد جنوبي يتوج بالسعفة الذهبية في مهرجان كان عبر فيلم “وقائع سنين الجمر” وهو ما يجعلها بلدا سينمائيا بامتياز. كما أعلنت عن تكريم المخرج الجزائري الكبير محمد لخضر حمينة، صاحب هذا التتويج التاريخي، باعتباره رمزا سينمائيا خالدا في الذاكرة.
وتميز المهرجان في يومه الأول بتكريم عدد من الوجوه البارزة في عالم الفن السابع، حيث منح المخرج الجزائري الغوثي بن ددوش جائزة “العناب الذهبي لإنجازات الحياة”، وكرم الممثل المصري خالد النبوي، إلى جانب تكريم خاص للممثلة الإسبانية الراحلة بيلار برديم الذي تسلمه ابنها النجم الإسباني كارلوس برديم، كما استمتع الجمهور بفقرات موسيقية بعنوان “الجزائر فرحة المتوسط” و”حبك رواية” في مزج متناغم بين الأصوات الكورالية والتراث الجزائري بروح معاصرة، قبل أن يعرض الشريط التعريفي للمهرجان ويقدم أعضاء لجان التحكيم. ويستمر المهرجان إلى غاية نهاية الشهر الجاري، بمشاركة نخبة من المخرجين والمنتجين والسينمائيين من حوض المتوسط، يتنافسون على جوائز العناب الذهبي، إلى جانب عروض سينمائية وورشات تكوينية ولقاءات فكرية موازية، تجعل من مدينة عنابة قبلة للفن السابع طيلة أيام المهرجان. ويعد مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي أحد أهم المحطات الثقافية في عالم الفن السابع الذي تشهده جوهرة الشرق بونة، رغم بعض الانتقادات التي لا تخلو في مثل هذه التظاهرات، يبقى محطة جميلة.
وللجمهور العنابي رأي بإثبات حضوره القوي وهو العنصر الفاصل في صنع الفرجة، لكون المواطن العنابي شغوفا بهذا الفن من الزمن البعيد، الذي عرف مشاهدة السينما عبر القاعات المتواجدة بمدينة عنابة مثل (لافرتي، وإفريقيا، الكرامة وطاسيلي وغيرها من قاعات السينما في ذلك الزمان الجميل)، وهذا ما جعل الجمهور يسجل حضورا قويا.
وتأتي هذه الطبعة مخالفة للطبعات من حيث الزمن، زمن خريفي بامتياز ما يعطي فرصة للفرجة، بمشاركة 76 فيلما من 20 دولة، ولجنة تحكيم من الحاصلين على جوائز الأوسكار وضيف الشرف إسبانيا وتكريم الفنان المصري خالد النبوي الذي ظهر في دور ابن العمدة في فيلم “مواطن مصري” سنة 1991. وما زاد الفرق بين الطبعات هذه المرة هي سينما المواهب عمار العسكري في ورشات مستر كلاس ومسابقة أفلام الذكاء الاصطناعي. ويبقى مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي محطة فنية ثقافية للفن السابع بامتياز، الذي جمع على بساطه مرور مواهب شابة وعمالقة هذا الفن الذي يعطي رونقا لجوهرة الشرق بونة عاصمة للسينما، لتعيش عنابة سينما في طبعتها الخامسة 2025.
ب\ص