بناتنا وسن المراهقة

بناتنا وسن المراهقة

 

إن الحفاظَ على البنات والحرصَ عليهن أهم وأخطر من الحفاظ على الأبناء، لأن بعض أخطائهن صعبة الإصلاح. إن البنات وخصوصا في سن المراهقة تكون نفوسهن شفافة مرهفة بريئة، قليلة الخبرة في الحياة، ينظرن للحياة بمنظار وردي جميل؛ على أنها حب ووفاء، وزينة وسعادة؛ لأنهن لم يَطّلعن بعد على الجانب المظلم فيها، المفعم بالخداع والظلم والمكر والدهاء. وقد تسمع الفتاة من بعض الذئاب البشرية من كلماتِ الغرام والهيام ما يمتلك عواطفها، ويلهب مشاعرها، فتنساق وراءها فتفاجأ بكوارث لا قِبَل لها بها؛ وبدلا من أن تجد مَن يقف معها، ويقيل عثرتها، نجد عكس ذلك تماما، نجد من القسوة والتعنيف ما قد يصل إلى حد التفكير في القتل أو الإبعاد والنفي. إن المتأمل لأحوال بعض البيوت وما تعانيه من تهدم وتفكك أسري ليرتجفَ قلبُه، وتهتزَّ مشاعرُه، فلقد غابت مفاهيم التربية لدى كثير من الأولياء، وتكثفت معاول الإتلاف التي بدأت تروح ضحيتَها الأسر، إما بتفرُّقِ الزوجين، وإما بضياع الأولاد، وإما بفساد البنات، وإما بتلاشي روح الدين والحياء والغَيرة. إن وراء وقوع هذه المآسي أسبابًا كثيرة، ودوافعَ خطيرة، منها:

– النظرة الدونية عند كثير من أفراد المجتمع للمرأة، فلا زال بعضهم يعامل المرأة معاملة جاهلية لا يقيم لها اعتبارا، ولا يُكِنُّ لها احتراما، ولا يقدر لها جهدا، مما يدفع بكثير منهن إلى الجريمة نتيجة للقهر واليأس.

– طمع كثير من الآباء في رواتب البنات الموظفات، وحرمانهن من الزواج أو تأخيره؛ للاستفادة من رواتبهن.

– بعض الأعراف والعادات القبلية التي تمنع زواج البنات من غير قبيلتها أو فصيلتها؛ حتى ولو كانوا أزواجا أكْفاء.

– قلة التربية؛ فكثير من البنات ينشأن في بيوت لا تعرف عن التربية أو الدين ما يجب، بل إن بعض الأولياء على العكس من ذلك يجلب لهن كثير من المفاسد الأخلاقية.

 

الدكتور مسلم اليوسف