إن رجلاً واحداً قد يساوي مائة،ورجلاً قد يوازي ألفاً،ورجلاً قد يزن شعباً بأسره، وقد قيل: رجل ذو همة يحي الله به أمة. عند ما طلب عمرو بن العاص المدد من عمر في فتح مصر كتب إليه: أما بعد: فإني أمددتك بأربعة آلاف رجل،وعلى كل ألف: رجل منهم مقام الألف: الزبير بن العوام، والمقداد بن عمرو، وعبادة بن الصامت،مسلمة بن مخلد. الرجولة ليست بالسن المتقدمة. كم من غلام في مقتبل العمر ولكنك ترى الرجولة المبكرة في قوله وعمله وخلقه مر عمر على صبيان يلعبون فهرولوا وبقي صبي في مكانه هو عبد الله بن الزبير فسأله عمر: لم لم تهرول مع أصحابك؟ فقال: يا أمير المؤمنين: لم أقترف ذنباً فأخافك، ولم تكن الطريق ضيقة فأوسعها لك!. وحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن مسعود، فصعد على شجرة، أمره أن يأتيه منها بشيء فنظر أصحابه إلى ساق عبدا لله بن مسعود رضي الله عنه حين صعد الشجرة، فضحكوا من دقة ساقيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم “ما تضحكون؟! لرجل عبد الله بن مسعود أثقل في الميزان من جبل أحد” رواه أحمد.
ميزان الرجولة عند عامة الناس هو ميزان مادي فقط، فمن كان جميل المظهر، مكتمل القوى، كثير المال فهو الرجل الطيب، ولكن ميزان الرجال في شريعة الإسلام من كانت أعماله فاضلة، وأخلاقه حسنة. مر رجل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال “ما تقولون في هذا؟” قالوا: حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، وإن قال أن يسمع، قال: ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين فقال ” ما تقولون في هذا؟ ” قالوا حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع، وإن قال أن لا يسمع، فقال صلى الله عليه وسلم “هذا خير من ملء الأرض مثل هذا” رواه البخاري. الرجولة قوة في القول، وصدع بالحق، وتحذير من المخالفة من أمر الله مع حرص وفطنة، قال تعالى ” وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ ” غافر: 28. الرجولة صمود أمام الملهيات، واستعلاء على المغريات حذراً من يوم عصيب، قال تعالى ” رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ” النور: 37. الرجل الحق هو الذي يصدق في عهده، ويفي بوعده، ويثبت على الطريق.