بل هذا من عند الشيطان

بل هذا من عند الشيطان

جلست قرب نهر الغواية، أستحم بدم البشر وأرشف من شلال أوداجهم، فقدم الشيطان يترنم مترنحا والبسمة تعلو شاربه السمج، دنا مني وكأنه لا يعلم أنني من طين وأنه من نار، وأن ناره يمكنها أن تحرقني وأنا لا أملك في بوتقتي قطرة ماء أحسبها تنجيني من تحول صورتي كما أصله، تنحنح واستطرد: كيف حالك يا صديقي؟ فقلت: ومتى كان الانسان صديقا للشيطان؟ فرد: منذ أن اتخذتم شاطئ الغواية عشقكم، وحملتم كؤوس دمائكم نبيذا تتلذذون به أنى شئتم. فقلت: أنت من جعلتنا نسبح في ذنوبنا يا هذا. فقال: بل أنتم من اتخذتموني خليلا، فأنا بريء منكم يا معشر الإنس.

وأردف: مشكلتكم أنكم تدعون العفاف في مجالسكم وفي دياناتكم، فكم من مسوح رهبان لوثتم وكم من عباءة إمام دنستم، ترشدون إلى الحق الذي لم يعرف طريقا إلى صدوركم، وليت شعري إن ضللتم سبيلي واتبعتم ما تدعون، تعبدون أنفسكم وأموالكم ودنياكم وتوهمون غيركم بالعبادة والطاعة لربكم، ولعمرك يا إنسان ما ستعرف الراحة والسعادة، ما دمتم في نفاقكم تعبدوني وتمشون على نهجي، بئس المخلوق صرت بعدما فضلك الخالق وبئس ما تقترف أيديكم وتقولون إنه من صنع الشيطان، كنت أسمعه وأعرف أنه كان صادقا فيما قال ولكنني قلت: لا، بل هذا من عند الشيطان.

 

بن عمارة مصطفى خالد\ تيارت- الجزائر