أكد وزير الشؤون الدينية والأوقاف، الدكتور يوسف بلمهدي، الثلاثاء، أن التحضيرات لموسم الحج لهذا العام تسير وفق مقاربة متكاملة تضع خدمة الحجاج الجزائريين في صدارة الأولويات، مشددا على أن “الاصطفاء لتأطير البعثة هو تكليف لا تشريف، وواجب ديني وأخلاقي قبل أن يكون وظيفة إدارية”.
جاء ذلك خلال إشرافه على افتتاح الملتقى التكويني الوطني لفائدة مرشدي الحج، المنظم تحت شعار “إرشاد ديني مسؤول وفعال… خدمة لضيوف الرحمن” الذي نظم بدار الإمام بحضور كبار مسؤولي الوزارة وإطارات الديوان الوطني للحج والعمرة وأعضاء اللجنة العلمية للإفتاء، إلى جانب العشرات من الأئمة والمرشدات الدينيات المشاركين في تأطير البعثة الجزائرية لموسم الحج 1446هـ. واعتبر الوزير، أن اختيار المؤطرين الدينيين لم يكن عبثيا أو مجاملة، بل تم بناء على كفاءتهم العلمية والدعوية، والتزامهم السابق في المساجد والولايات. وقال في هذا السياق: “إن من تم ترشيحهم لم يسعوا وراء المنصب، بل جاء اختيارهم نتيجة ما قدموه من عطاء موثوق به”.
المرجعية الفقهية الجزائرية في قلب التكوين..
وشدد بلمهدي، على ضرورة الالتزام التام بالتوجيهات الصادرة عن لجنة الفتوى، التي تم توسعتها هذا الموسم لتشمل نخبة من العلماء المتخصصين الذين قدموا اجتهادات معتبرة، وصلت أصداؤها إلى خارج حدود الوطن، مؤكدا أن المرجعية الفقهية الجزائرية، القائمة على الفقه المالكي الوسطي، لا تزال حية ومؤثرة. وأوضح الوزير، أن “الاجتهاد لا يرفض إذا جاء من أهله وفي سياقه”، لكن ذلك لا يمنح أي فرد ضمن البعثة الدينية حق الخروج عن التوجه الجماعي أو مخالفة التعليمات المتفق عليها، متحدثا عن حالات سابقة تسببت في ارتباك تنظيمي نتيجة اجتهادات شخصية. وأضاف: “علينا أن نظهر كجسم واحد منسجم، يمثل الجزائر أحسن تمثيل دينيا وأخلاقيا وتنظيميا”.
الطاهر برايك: الحج مشروع وطني وروحي بامتياز..
من جهته، ثمن الطاهر برايك، المدير العام للديوان الوطني للحج والعمرة، أهمية اللقاء التكويني، معتبرا إياه خطوة أولى نحو موسم حج ناجح، وقال: “ما يميز هذا الملتقى هو تجسيده للانسجام بين السلطات العليا والقطاعات الوزارية، والتكامل العملي بين أعضاء البعثة ومختلف الجهات الفاعلة”. وأكد أن الديوان سهر على إعداد برنامج تكويني شامل يشمل جميع أطوار العملية، من فرق مطارات الإقلاع إلى فرق الأمتعة والخدمات الميدانية، مضيفًا أن “الحج ليس فقط عبادة روحية، بل مهمة وطنية وإنسانية تتطلب وعيًا وانضباطا ومسؤولية جماعية”. كما كشف برايك، عن إصدار دليل عملي مُحين، سيُوزع على كافة المؤطرين، يحتوي على الإرشادات التنظيمية والدينية اللازمة، داعيا المرشدين والمرشدات إلى تمثيل الجزائر تمثيلا مشرفا يعبر عن توازنها الديني ورقي أخلاقها.
معيزة: المرشد محور البعثة وركيزتها التربوية
وفي مداخلة توجيهية، شدد مدير التوجيه الديني، مراد معيزة، على أن المرشد الديني يشكل “حجر الزاوية” في بعثة الحج الجزائرية، مبرزا أن مسؤولياته لا تنحصر فقط في أيام المناسك، بل تبدأ قبل ذلك وتتواصل حتى بعد عودة الحجاج إلى أرض الوطن. وأوضح أن اللقاء التكويني يأتي تجسيدا لتوجيهات الوزير وتوصيات الديوان، حيث سيتضمن محاضرات وورشات علمية وتطبيقية، تعزز من جاهزية المرشدين وتثري معارفهم في الجوانب الفقهية والتنظيمية والتواصلية. وختم معيزة مداخلته قائلا: “نأمل أن نلتقي المرة القادمة في أطهر البقاع، وأن نحمل معنا صورا مشرفة لحجاجنا وهم يعيشون مناسكهم في أجواء من السكينة والتكافل والالتزام”.
نحو موسم حج منضبط وفعال..
يعد هذا الملتقى، لبنة أولى في خارطة طريق موسم حج 1446هـ، حيث تسعى وزارة الشؤون الدينية، بالتنسيق مع الديوان الوطني للحج والعمرة، إلى ضمان أداء جماعي منظم، يبرز الوجه الحضاري للجزائر ويخدم الحجاج في أدق تفاصيل رحلتهم الروحية، من التأطير العلمي إلى التكفل التنظيمي والصحي.
محمد بوسلامة









v














