قدمت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف توضيحات مفصلة حول استراتيجيتها الوطنية في مجال التوعية والتحسيس بمخاطر مرض فقدان المناعة المكتسبة (السيدا)، معلنة عن إحصاء أزيد من 17 أف نشاط توعوي، وذلك في رد رسمي على مساءلة برلمانية، شددت من خلالها أن التصدي لهذا المرض الخطير يمثل إحدى أولوياتها بالنظر إلى آثاره المدمرة، خصوصًا على فئة الشباب، وأن طرح هذا الانشغال يعكس وعيًا تشريعيًا يلتقي مع التزامات الحكومة في حماية النسيج الاجتماعي.
وأوضحت الوزارة، أن استراتيجيتها في هذا المجال تنطلق من إدراكها لدورها المحوري في توجيه الرأي العام، وتستند إلى مقاربة شاملة ومتكاملة ترتكز على استغلال كامل لمؤسساتها الدينية والثقافية والتعليمية، مع الحرص على التنسيق الوثيق مع مختلف القطاعات الوزارية المعنية، وعلى رأسها قطاع الصحة. وقد جعلت الوزارة من المساجد ركيزة أساسية في هذه الاستراتيجية، من خلال توجيه الأئمة والمرشدات الدينيات لإدراج مواضيع الصحة والوقاية في خطب الجمعة والدروس الدينية، حيث تم خلال سنة 2024 تنظيم 8494 خطبة و5492 درسًا تناولت هذه القضايا، كما تشكل المدارس القرآنية والمراكز الثقافية الإسلامية فضاءات أخرى لنشر الوعي، إذ شهدت هذه المؤسسات تنظيم ندوات ومحاضرات تناولت الجوانب الأخلاقية والصحية المرتبطة بالمرض، في إطار رؤية تعليمية تربوية موجهة نحو النشء والناشئة، حيث تم تنظيم (2345) محاضرة وندوة في المساجد. إلى جانب الدور التربوي للمؤسسات الدينية، أولت الوزارة أهمية كبرى لوسائل الإعلام الديني، حيث سعت إلى توسيع نطاق التوعية عبر الإذاعة الوطنية والمحلية، ومنصاتها الرقمية، بهدف الوصول إلى جمهور أوسع. وقد تم بث برامج متخصصة ضمن هذا الإطار خلال العام الماضي، وشهدت وسائل التواصل الاجتماعي تفاعلًا لافتًا مع المحتويات المنشورة التي ركزت على مخاطر السيدا وسبل الوقاية منه. ومن أبرز ملامح هذه الاستراتيجية، حرص الوزارة على اعتماد مقاربة تشاركية فعلية مع عدد من الوزارات، في مقدمتها وزارة الصحة، التي تشكل شريكًا رئيسيًا في حملات التحسيس والتكوين. وقد تم بالتعاون معها تنظيم حملات توعوية وخطب جمعة موجهة، إلى جانب دورات تكوينية لفائدة الأئمة والمرشدات الدينيات، تُمكنهم من الإلمام بالأبعاد الطبية والاجتماعية للمرض. كما تتعاون وزارة الشؤون الدينية مع قطاع التربية الوطنية من خلال إدراج دروس وندوات توعوية في المؤسسات التعليمية، تستهدف التلاميذ والأساتذة على حد سواء، في حين يشمل التعاون مع وزارة التعليم العالي تنظيم ملتقيات وندوات علمية بالأحياء الجامعية، تواكب مستوى الطلبة وتخاطب وعيهم العلمي والاجتماعي.
تنسيق مع وزارتي التربية والتعليم العالي لرفع وعي هذه الفئة بخطورة الآفات الاجتماعية. وفي السياق نفسه، تم التنسيق مع وزارة التكوين والتعليم المهنيين لتنظيم برامج توعية لفائدة طلبة مراكز التكوين، تركز على تعزيز الوعي بالقيم الأخلاقية وأهمية الانضباط السلوكي والمهني. أما وزارة الشباب، فقد شاركت في تنظيم أنشطة ثقافية وتربوية في دور الشباب، استهدفت رفع وعي هذه الفئة بخطورة الآفات الاجتماعية وأهمية حماية الصحة الجسدية والنفسية. ومن جانبها، عملت وزارة الاتصال على تسهيل بث الرسائل التوعوية عبر مختلف وسائل الإعلام، بما يضمن إيصالها إلى الجمهور في كل ولايات الوطن. وقد أثمرت هذه المقاربة المشتركة تنظيم حملات وطنية ومحلية متعددة، شملت مختلف شرائح المجتمع، من بينها 29 حملة تحسيسية ميدانية، و523 نشاطًا إرشاديًا لفائدة النساء، إلى جانب تنظيم معارض وتوزيع مطويات تعريفية وإرشادية، وتنفيذ 11 نشاطًا جواريًا بمشاركة أئمة وأخصائيين، بالإضافة إلى ما سبق، تم تنظيم ثلاث (03) معارض توزيع مطويات، وتُبرز هذه الأرقام مدى انخراط القطاع في جهود التوعية، ومدى فعالية النموذج التشاركي الذي تبنته الوزارة. أما بخصوص الإعلام الديني، فقد ساهمت الوزارة ببرمجة الأحاديث والحصص الدينية عبر وسائل الإعلام المختلفة إذاعة تلفزيون، منصات رقمية، وذلك لنشر الوعي الديني والثقافي والاجتماعي على نطاق واسع؛ وفي هذا الإطار، تم بث (03) حصص إذاعية وطنية و(45) حصة إذاعية محلية خلال عام 2024، كما تم نشر (31) نشاطاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وترتكز هذه الاستراتيجية الوطنية على محاور رئيسية، أبرزها تعزيز القيم الدينية والأخلاقية لدى الأفراد والمجتمع، باعتبارها خط الدفاع الأول ضد الانحرافات السلوكية التي قد تؤدي إلى الإصابة بالأمراض المتنقلة. كما تهدف، إلى مكافحة الآفات الاجتماعية، كالمخدرات والعنف والانحلال، وتعمل على نشر ثقافة صحية تُسهم في تعزيز سلوكيات النظافة والوقاية. وفي ختام ردها، جددت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف التزامها الراسخ بمواصلة هذه الجهود التوعوية، والعمل جنبًا إلى جنب مع جميع الفاعلين، من أجل بناء مجتمع جزائري سليم، متماسك، وواعٍ بتحدياته الصحية والاجتماعية، ومتشبث بقيمه الدينية والوطنية. وأكدت أنها تبقى منفتحة على كل الاقتراحات والاستفسارات التي من شأنها دعم هذه الديناميكية الوطنية في مجالات التوعية والتحسيس.
سامي سعد